للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرجه أحمد بإسناد حسن فإن كان محفوظاً فكأنها رجعت عن الإنكار لما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة لكونها لم تشهد القصّة انتهى منه (١).

واحتمال رجوعها لما ذكر قوي لأن ما يقتضي رجوعها ثبت بإسنادين.

قال ابن حجر - رحمه الله -: إن أحدهما جيّد والآخر حسن ثم قال ابن حجر قال الإسماعيلي (٢) كان عند عائشة من الفهم والذكاء وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم ما لا مزيد عليه لكن لا سبيل إلى ردّ رواية الثقة إلا بنصّ مثله يدلّ على نسخه أو تخصيصه أو استحالته (٣) " (٤).

وقال العيني - رحمه الله -: " قال ابن التين (٥):

لا معارضة بين حديث ابن عمر والآية، لأن الموتى لا يسمعون لا شك، لكن إذا أراد الله إسماع ما ليس من شأنه السماع لم يمتنع كقوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} الأحزاب: ٧٢، وقوله: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} فصلت: ١١، وأن النار اشتكت إلى ربها، ويكون معنى قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} النمل: ٨٠، مثل قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} القصص: ٥٦، ثم قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} النمل: ٨٠، وقبله: قال تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (٧٩) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠)} النمل: ٧٩ - ٨٠، قال أبو الليث السمرقندي (٦) - رحمه الله -: هذا مثل ضربه للكفار، فكما أنك لا تسمع الموتى فكذلك لا تفقه


(١) فتح الباري (٧/ ٣٠٤).
(٢) هو:
(٣) فتح الباري (٧/ ٣٠٤).
(٤) أضواء البيان (٦/ ١٣٤ - ١٣٥).
(٥) هو: أبو محمد عبد الواحد بن التين الصفاقسي المغربي المالكي. الشهير بابن التين، فقيه محدث مفسر. له اعتناء زائد في الفقه والتفسير، اعتمده الحافظة ابن حجر في شرح البخاري، وكذلك ابن رشد وغيرهما، توفي سنة (٦١١ هـ)؛ من تصانيفه: " المخبر الفصيح في شرح البخاري الصحيح ".
ينظر: كشف الظنون (١/ ٤٦)، هدية العارفين لإسماعيل باشا (١/ ٦٣٥)، شجرة النور الزكية لمحمد بن محمد مخلوف (ص ١٦٨).
(٦) هو أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم البخاري السمرقندي، علامة من أئمة الحنفية ورائد من الزهاد، قدم بغداد وحدث بها، وهو مفسر ينقل عنه كثير من المتأخرين، وهو صاحب كتاب تنبيه الغافلين وكتاب بستان العارفين، توفي سنة ٣٧٣ هـ.
ينظر: تاريخ بغداد (١٣/ ٣٠١)، ومقدمة تحقيق كتاب تنبيه الغافلين (ص ٩).

<<  <   >  >>