للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ثم اختلف أهل العلم بعدهم في تحرير أقوالهم على مذهبين:

المذهب الأول: من يرى أن الاختلاف بين أقوالهم اختلاف تضاد لا تنوع يوجب الترجيح بينهما لا الجمع، واختلف القائلون بذلك في القول الراجح منها ووجهه.

والمذهب الثاني: من يرى أن الاختلاف بين أقوالهم اختلاف تنوع لا تضاد يوجب الجمع لا الترجيح (١).

والمذهب الثاني هو الصحيح -والله أعلم - واختاره جمع من المحققين منهم شيخ الإسلام ابن تيمية (٢)، وتلميذه ابن القيم (٣)، وابن كثير (٤)، وابن أبي العز (٥)، والسفاريني (٦)، والشنقيطي (٧)، وغيرهم؛ وهو اختيار الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله -.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " وأما الرؤية فالذي ثبت في الصحيح عن ابن عباس أنه قال: "رأى محمد ربه بفؤاده مرتين"، وعائشة أنكرت الرؤية.

فمن الناس من جمع بينهما فقال: عائشة أنكرت رؤية العين وابن عباس أثبت رؤية الفؤاد، والألفاظ الثابتة عن ابن عباس هي مطلقة، أو مقيدة بالفؤاد، تارة يقول: "رأى محمد ربه وتارة يقول: "رآه محمد" ولم يثبت عن ابن عباس لفظ صريح أنه رآه بعينه ...

وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة، ولا في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك، بل النصوص الصحيحة على نفيه أدل: كما في صحيح مسلم عن أبي ذر قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل رأيت ربك؟ فقال: (نور أنى أراه) (٨).


(١) ينظر: كتاب التوحيد لابن خزيمة (٢/ ٤٧٧ - ٥٦٣)، الرؤية للدار قطني (ص ٣٠٨ - ٣٦١)، شرح اعتقاد أهل السنة (٣/ ٥١٢ - ٥٢٣)، مجموع الفتاوى (٢/ ٣٣٥، ٣/ ٣٨٦، ٦/ ٥٠٩)، زاد المعاد (٣/ ٣٧)، تفسير ابن كثير (٤/ ٢٦٣)، شرح الطحاوية (١ م٢٢٢ - ٢٢٥)، فتح الباري (٨/ ٦٠٨)، لوامع الأنوار البهية (٢/ ٢٥٠ - ٢٥٦)، أضواء البيان (٣/ ٣٦٣).
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٥٠٩ - ٥١٠).
(٣) ينظر: زاد المعاد (٣/ ٣٧ - ٣٨).
(٤) ينظر: تفسيره (٤/ ٢٦٣).
(٥) نظر: شرح الطحاوية (١/ ٢٢٢ - ٢٢٥).
(٦) ينظر: لوامع الأنوار البهية (٢/ ٢٥٤ - ٢٥٥)
(٧) ينظر: أضواء البيان (٣/ ٣٩٩).
(٨) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (نور أنا أراه)، برقم (٢٩١).

<<  <   >  >>