للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - كامل كمالاً بشرياً, وأما الكمال المطلق فهو لله وحده لا يشاركه فيه مخلوق من مخلوقاته كائناً من كان لا ملكا مقربا ولا نبياً مرسلاً, كما ذكر ذلك الشيخ عبد الرزاق:، وجميع المخلوقات يلحقها النقص. وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يطرى فيرفع فوق منزلته، أو يعطى بعض خصائص الألوهية، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله) (١). أي لا تمدحوني بالباطل ولا تجاوزوا الحد في مدحي كما عملت النصارى مع عيسى فمدحوه حتى جعلوه إلها. وروى أحمد والنسائي أن أناسا قالوا له: يا رسول الله؛ يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا أيها الناس: قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل) (٢).

ولا يخفى على عاقل أن الموجودات منقسمة إلى كاملة وناقصة، والكامل أشرف من الناقص، ومهما تفاوتت درجات الكمال واقتصر منتهى الكمال على واحد حتى لم يكن الكمال المطلق إلا له، وكل ما سواه عاجز لا قدرة له، إلا بما أقدره متصف بجميع صفات الكمال، وكل ما سواه فلازمه النقص وليس الكمال المطلق إلا له وهو الله (٣).


(١) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله واذكر الكتاب مريم ... برقم (٣٤٤٥).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (١٣٥٥٣)، وصححه الألباني في غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام (ص ٩٩).
(٣) ينظر: الصواعق المرسلة (٣/ ١٠١٠)، درء التعارض (٧/ ٣٦٢)، معارج القبول (١/ ١٠٢)، شرح كتاب التوحيد (١/ ٩١)،تفسير السعدي (١/ ٤٦٦)،تفسير ابن كثير (٢/ ٥٧٤)، المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى لمحمد بن محمد الغزالي أبو حامد (١/ ٤٧).

<<  <   >  >>