للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت عائشة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجى في ناحية البيت، عليه برد حِبَرة، فأقبل حتى كشف عن وجهه، ثم أقبل عليه فقبله ثم قال: بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتبها الله عليك: فقد ذُقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبداً. ثم رد البرد على وجهه. وخرج -وعمر يكلم الناس- فقال: على رسلك يا عمر، أنصت. فأبى إلا أن يتكلم. فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس. فلما سمع الناس كلام أبي بكر أقبلوا عليه، وتركوا عمر. فحمد الله تعالى، وأثنى عليه. ثم قال: أيها الناس، إنه من كان يعبد محمداً. فإن محمداً قد مات. ومن كان يعبد الله تعالى، فإن الله حي لا يموت. قال: ثم تلا هذه الآية: قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)} آل عمران: ١٤٤، قال: فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت، حتى تلاها أبو بكر يومئذ، قال: وأخذها الناس عن أبي بكر، فإنما هي في أفواههم. قال أبو هريرة فقال عمر: فو الله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها. فعثرت حتى وقعتُ إلى الأرض، ما تحملني رجلاي، فاحتملني رجلان، وعرفت أن رسول الله قد مات) (١).

ولا نقول إلا كما قال أبو بكر وعمر م حينما دخلوا عليه وهو ميت وهما في الصف الأول حيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم إنا نشهد إنك قد بلغت ما أنزل إليك ونصحت لأمتك وجاهدت في سبيل الله حتى أعز الله تعالى دينه وتمت كلمته، ونؤمن بك وحدك لا شريك لك فاجعلنا إلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه واجمع بيننا وبينه حتى يعرفه بنا وتعرفنا به فإنك كنت بالمؤمنين رؤوفاً رحيما لا نبغي بالإيمان بدلاً ولا نشتري به ثمناً أبداً (٢).


(١) ينظر: الدر المنثور (٢/ ٣٣٧)، ومسند الشاميين للطبراني (٨/ ٤٠٣)، مختصر سيرة الرسول لمحمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - (٢٤٦ - ٢٤٧).
(٢) ينظر: دلائل النبوة (٧/ ٢٥١).

<<  <   >  >>