للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما من السنة: فالأحاديث الدالة على وجودهما الآن كثيرة، منها ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة) (١)، وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل إلى الجنة، فقال: اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فذهب فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها، فرجع فقال: وعزتك، لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فأمر بالجنة فحفت بالمكاره، فقال: ارجع فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فنظر إليها ثم رجع، فقال: وعزتك، لقد خشيت ألا يدخلها أحد، قال: ثم أرسله إلى النار، قال: اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فنظر فإذا هي يركب بعضها بعضا، ثم رجع فقال: وعزتك، لا يدخلها أحد سمع بها، فأمر بها فحفت بالشهوات، ثم قال: اذهب فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، فذهب فنظر إليها، فرجع فقال: وعزتك لقد خشيت ألا ينجو منها أحد إلا دخلها) (٢).

فهذان الحديثان صريحان في إعداد كل من الجنة والنار لأهلها، وروى مالك في الموطأ وأصحاب السنن من حديث كعب بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما نسمة المؤمن طير تعلق في شجر الجنة حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة) (٣)، وجاء في حديث خسوف الشمس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى الجنة والنار وهو يخطب أصحابه وأنه حدثهم عنهما، وثبت أن الله أسكن آدم وحواء الجنة قبل أن يهبطهما إلى الأرض من أجل مخالفتهما لله بأكلهما من الشجرة التي نهاهما عن الأكل منها.


(١) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي برقم (١٣٧٩)، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه برقم (٢٨٦٦).
(٢) أخرجه الترمذي في كتاب صفة الجنة والنار باب ما جاء حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات برقم (٢٥٦٠)، والنسائي في كتاب الأيمان والنذور برقم (٤٦٨٤)، حسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (٢٥٦٠)، وفي صحيح الترغيب والترهيب برقم (٣٦٦٩).
(٣) أخرجه الإمام أحمد برقم (١٥٣٤٩) من حديث كعب بن مالك - رضي الله عنه -، وصححه الألباني في شرحه على العقيدة الطحاوية برقم (٣٧٨).

<<  <   >  >>