للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتلاوة رسوله القرآن عليهم، إلى غير هذا من النظائر التي يقصد بذكر المشيئة فيها إثبات كمال الاختيار، وأن الأمور لما تخرج من دائرة تقديره سبحانه وتصريفه.

واختار ابن جرير أن "لا" بمعنى "لكن"، وعليه يكون الاستثناء منقطعاً، والمعنى خالدين فيها سوى ما شاء ربك من زيادة النعيم، أو لكن هنا من زيادة النعيم والإكرام على الخلود ما لا يقدر قدره إلا الله، فليس المراد قطع أمد الخلود ولكن المراد زيادة نعيم إلى جانب خلودهم في الجنة بدليل ما ختمت به الآية من قوله تعالى: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)} هود: ١٠٨.

الدليل من السنة:

- على أبدية الجنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت) (١) وقوله: (ينادي مناد يا أهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وأن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وأن تحيوا فلا تموتوا أبدا) (٢)، وقوله: (يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت) (٣) " (٤).

بين الشيخ - رحمه الله - الآراء في أبدية النار، فقال: " أما أبدية النار: ففيها آراء كثيرة للسلف منها رأيان:

الأول: رأي جمهور السلف، قالوا: إن النار باقية لا تفنى، ومن دخل بقي مخلدا فيها أبدا إلا من دخلها من عصاة المؤمنين فإنهم يخرجون منها.

واستدلوا على بقائها ومن بها من الكافرين بقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)} البقرة: ١٦٧، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ


(١) أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب في دوام نعيم أهل الجنة ... برقم (٢٨٣٦).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب في دوام نعيم أهل الجنة ... برقم (٢٨٣٧).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب صفة الجنة والنار برقم (٦٥٤٨)، ومسلم كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء برقم (٢٨٥٠).
(٤) مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي (١١ - ١٢).

<<  <   >  >>