للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبيان حكمها وأسرارها وخاصة في القياس وبيان ميزة الشريعة الإسلامية على غيرها، والممنوع استلزامها للأحكام الشرعية وإثباتها بهما دون شرع" (١).

يقصد بالتحسين والتقبيح هنا معرفة ما إذا كان حسن الشيء وقبحه ذاتياً في الشيء نفسه، ومدركاً بالعقل، أم أنه اعتباري ونسبي، وليست الأشياء في ذاتها حسنة ولا قبيحة.

وقد اختلف أهل الكلام في ذلك على قولين رئيسيين:

الأول: قول المعتزلة، وهو أن الحسن والقبح في الأشياء ذاتي، ويمكن إدراكه بالعقل.

الثاني: قول الأشاعرة، وهو أن الحسن والقبح في الأشياء اعتباري، ونسبي، أي: أنه ليس صفة لازمة وذاتية في الشيء، وإنما يعرف حسن الأشياء وقبحها باعتبارات إضافية.

وقبل هذا أرى من المهم بيان معاني الحسن والقبح، وتحديد محل النزاع، فأقول:

يطلق الحسن والقبح على عدة معان، بعضها متفق عليه بين أهل الكلام وغيرهم، وبعضها مختلف فيه.

والمعاني التي تراد بالحسن والقبح هي:

الأول: يطلق الحسن والقبح ويراد به ما يوافق غرض الفاعل من الأفعال وما يخالفه، فما يوافق غرضه يسمى حسناً، وما يخالفه يسمى قبيحاً، ويعبر عنه بموافقة وملائمة الطبع، ومنافرته، وقد يعبر عنه بالمصلحة والمفسدة، فيقال: الحسن ما فيه مصلحة، والقبح ما فيه مفسدة، وما خلا منهما فليس شيئاً منهما، بل هو عبث.

والحسن والقبح بهذا المعنى اعتباري ونسبي، وليس ذاتياً، فإن (قُتِل زيدٌ) مثلاً مصلحة لأعدائه، ومفسدة لأوليائه (٢).


(١) الإحكام في أصول الأحكام (١/ ١٢٢)، وينظر: (١/ ١١٤، ١١٦، ١١٩).
(٢) ينظر: المستصفى في علم الأصول لأبو حامد الغزالي (١/ ٥٦)، الإحكام للآمدي (١/ ٧٩)، الأربعين للرازي (ص ٢٤٦)، المواقف في علم الكلام للإيجي (ص ٣٢٤).

<<  <   >  >>