للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومواقف السلف من أحاديث الوعيد لمن ارتكب الكبائر وعدم إنفاذها على الأعيان مستفيضة مشهورة (١)، أمَّا إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع في إلحاق التكفير بالمعين فإنه يطلق عليه ويستتاب فإن تاب وإلاّ قتل.

وقال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " وحقيقة الأمر في ذلك أن القول قد يكون كفراً فيطلق القول بتكفير صاحبه، ويقال: من قال كذا فهو كافر، لكن الشخص المعين الذي قال ذلك لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها.

وهذا كما هو في نصوص الوعيد، فإن الله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)} النساء: ١٠، فهذا أو نحوه من النصوص حق لكن الشخص المعين لا يشهد عليه بالوعيد، فلا يشهد لمعين من أهل القبلة بالنار، لجواز أن لا يلحقه وعيد لفوت شرط أو ثبوت مانع، فقد لا يكون التحريم بلغه، وقد يتوب من فعل المحرم، ونحو ذلك.

وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها، قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، أو لم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، أو لم يفهمها لشبهة عرضت له يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ، فإن الله يغفر له خطأه كائناً ما كان، سواء في المسائل النظرية أو العملية.

هذا الذي عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجماهير أئمة الإسلام" (٢).


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (٢٠/ ٢٧٨ - ٢٨٩)، والرد على البكري (١/ ٣٨٢).
(٢) مجموع الفتاوى (٣/ ٢٣٠ - ٢٣١)، وينظر: الاستقامة لابن تيمية (١/ ١٦٣ - ١٦٥)، وبغية المرتاد لابن تيمية (ص ٣٥٣ - ٣٥٤)، ومنهاج السنة (٢/ ٦٠٤)، ومنهج ابن تيمية في مسألة التكفير للمشعبي (١/ ١٩٣) وما بعدها.

<<  <   >  >>