للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنواع العبادات كائنة ما كانت. ومعنى الإثبات فيها: إفراد الله جلَّ وعلا وحده بجميع أنواع العبادات بإخلاص، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام.

وأكثر آيات القرآن في هذا النوع من التوحيد، وهو أهم مهمات الرسل إلى أممهم، ومن أجله حصل الجدال وشرع الجهاد، وخلق الجن والإنس، وأنزلت الكتب وأرسل الرسل، وبسببه انقسم الناس إلى شقي وسعيد، وخلقت الجنة والنار (١).

ومن الآيات الدالة على هذا النوع من التوحيد قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} محمد: ١٩، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} الأنبياء: ٢٥، وقوله: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥)} الزخرف: ٤٥، وقوله: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٨)} الأنبياء: ١٠٨، ولفظة ... {إِنَّمَا} من صيغ الحصر، فكأن جميع ما أوحي إليه منحصر في معنى «لا إله إلا الله»، وحصر الوحي هنا في توحيد العبادة، حصر له في أصله الأعظم الذي يرجع إليه جميع الفروع، لأن شرائع الأنبياء كلهم داخلة في ضمن معنى «لا إله إلا الله» لأن معناها، خلع جميع المعبودات غير الله جل وعلا في جميع أنواع العبادات، وإفراده جل وعلا وحده بجميع أنواع العبادات، فيدخل في ذلك جميع الأوامر والنواهي القولية والفعلية والاعتقادية. والآيات في هذا النوع من التوحيد كثيرة (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " والتوحيد الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الإلهية، وهو أن يُعبد الله وحده لا شريك له، وهو متضمن لشيئين: أحدهما: (القول العملي): وهو إثبات صفات الكمال له وتنزيهه عن النقائص وتنزيهه عن أن يماثله أحد في شيء من صفاته فلا يوصف بنقص بحال ولا يماثله أحد في شيء من الكمال في سورة الإخلاص فالصمدية تثبت له الكمال والأحدية تنفي مماثلة شيء له في ذلك.


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (١/ ٢١)، إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات لمحمد بن علي الشوكاني (ص ٥)، تيسير العزيز الحميد لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ص ٣٦).
(٢) أضواء البيان (٢/ ١٦٩)، وينظر: القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد للعباد (ص ١٨، ٢٢، ٢٣).

<<  <   >  >>