للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: أن النصوص الواردة لا تحتمل التأويل.

والثالث: أن عامة هذه الأمور قد علم أن الرسول جاء بها بالاضطرار كما أنه جاء بالصلوات الخمس وصوم شهر رمضان فالتأويل الذي يحيلها عن هذا بمنزلة تأويل القرامطة والباطنية في الحج والصلاة والصوم وسائر ما جاءت به النبوات.

الرابع: أن يبين أن العقل الصريح يوافق ما جاءت به النصوص وإن كان في النصوص من التفصيل ما يعجز العقل عن درك التفصيل وإنما يعلمه مجملا إلى غير ذلك من الوجوه على أن الوجوه الأساطين من هؤلاء الفحول معترفون بأن العقل لا سبيل له إلى اليقين في عامة المطالب الإلهية.

وإذا كان هكذا فالواجب تلقي علم ذلك من النبوات على ما هو عليه ومن المعلوم للمؤمنين أن الله تعالى بعث محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا" (١).

ومن البدهي لدى كل مسلم أن الإسلام - عقيدة وسلوكا - هو الميزان الصحيح الحكم، والحكم العدل في تقويم الأديان والمذاهب، والحكم على مدى استقامة الأمم والشعوب أو انحرافها.

وعلى هذا فإن المتأمل لحال البشرية الدينية اليوم يرى أن الناس على أربعة أصناف:

الصنف الأول: مسلم متمسك بدينه معتصم بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، يؤمن بالله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر على هدى من دين الله وبصيرة. وهؤلاء رغم قلتهم منتشرون - بحمد لله - في سائر المعمورة يربطهم رباط العقيدة الصحيح وأخوة الإيمان، وهم الطائفة التي عناها رسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الحديث الصحيح عن جماعة من الصحابة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) (٢).والمقصود بأمر الله هنا: قيام الساعة كما هو صريح في أحاديث أخرى: (حتى تقوم الساعة) (٣).


(١) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (٥/ ٢٨ - ٣٠).
(٢) أحرجه مسلم في صحيحة في كتاب الإمارة باب قوله - صلى الله عليه وسلم - لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، برقم (١٩٢٠).
(٣) أحرجه ابن ماجة في كتاب المقدمة باب اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، برقم (٦)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (٢٧٠)، وفي صحيح وضعيف سنن ابن ماجة برقم (٦).

<<  <   >  >>