للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " والفرق .. في الخوارج وأهل البدع: أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات، ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام دار حرب، ودارهم هي دار الإيمان. وكذلك يقول جمهور الرافضة، وجمهور المعتزلة، والجهمية، وطائفة من غلاة المنتسبة إلى أهل الحديث والفقه ومتكلميهم (١).

فهذا أصل البدع التي ثبت بنص سنّة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإجماع السلف أنها بدعة، وهو جعل العفو سيئة وجعل السيئة كفراً" (٢).

وقال: " وأما التكفير بذنب أو اعتقاد سُنِّيٍّ فهو مذهب الخوارج، والتكفير باعتقاد سُنِّيٍّ مذهب الرافضة والمعتزلة وكثير من غيرهم" (٣).

من أصول الخوارج اعتبار مرتكب الكبيرة كافراً فقد بنى الخوارج رأيهم فيه على قولهم: إن العمل بأوامر الدين والانتهاء عما نهى عنه جزء من الإيمان، فمن عطل الأوامر، وارتكب النواهي لا يكون مؤمناَ، بل كافراً إذ الإيمان لا يتجزأ ولا يتبعض. ولم يقف الخوارج عند هذا الحد، بل اعتبروا الخطأ في الرأي ذنباً، واتخذوا هذا مبدأ للتبرؤ والولاية، فمن ارتكب خطأ تبرؤوا منه وعدوه كافراً، ومن اتبع رأيهم، وسلم من الذنوب في ظنهم تولوه، وبناء على ذلك تولوا أبا بكر، وعمر، وعثمان في سنيه الأولى، وعلياً قبل التحكيم، وتبرؤوا من عثمان في سنيه الأخيرة لأنه -في زعمهم- غير وبدل، ولم يسر سيرة أبي بكر وعمر، وحكموا بكفره، وتبرؤوا من علي حينما قبل التحكيم وحكموا أيضاً بكفره، كما تبرؤوا وكفروا كلاً من طلحة، والزبير، وأم المؤمنين عائشة، وأبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، ومعاوية، وحكام بني أمية (٤).

قال الأشعري: " أجمعت الخوارج على إكفار علي بن أبي طالب أن حكَّم، وهم مختلفون هل كفره: شرك أم لا؟ وأجمعوا على أن كل كبيرة كفر، إلا النجدات، فإنها لا تقول


(١) ولذلك كان بعض السلف يُسمي كل أهل الأهواء: (خوارج) ينظر: الخوارج أول الفرق في التاريخ (ص ٣٥).
(٢) مجموع الفتاوى (١٩/ ٧٣).
(٣) مجموع الفتاوى (١٩/ ٧٥).
(٤) ينظر: الفرق بين الفرق (ص ٧٢ - ٧٤)، ومجموع الفتاوى (٤/ ٤٦٧ - ٤٦٨).

<<  <   >  >>