للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم، إذا كان مذهبه مذهب الخوارج، وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبار لا يدفعها كثير من علماء المسلمين، بل لعله لا يختلف في العلم بها جميع أئمة المسلمين" (١).

٣ - وأخرج ابن بطة (٢): عن قتادة {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} آل عمران: ٧ قال: إن لم يكن الحرورية والسبئية فلا أدري من هم؟ ولعمري لو كان أمر الخوارج هدى لاجتمع ولكنه كان ضلالة فتفرق، وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافاً كثيراً، فوالله إن الحرورية لبدعة وإن السبئية لبدعة ما أنزلت في كتاب ولا سنّهن نبي ... والحرورية والسبئية والروافض أصحاب عبد الله بن سبأ، الذين حرقهم عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالنار وبقي بعضهم (٣).

ورغم شدة موقف الصحابة والأئمة من بعدهم منَ الخوارج وقتالهم لهم، إلا أنهم توقفوا في تكفيرهم.

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " ومما يدل على أن الصحابة لم يكفّروا الخوارج أنهم كانوا يصلون خلفهم، وكان عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - وغيره من الصحابة يصلون خلف نجدة الحروري، وكانوا أيضاً يحدثونهم ويفتونهم ويخاطبونهم كما يخاطب المسلم المسلم، كما كان عبد الله بن عباس يجيب نجدة الحروري، لما أرسل إليه يسأله عن مسائل، وحديثه في البخاري، وكما أجاب نافع بن الأزرق عن مسائل مشهورة، وكان نافع يناظره في أشياء بالقرآن كما يتناظر المسلمان، وما زالت سيرة المسلمين على هذا، ما جعلوهم مرتدين كالذين قاتلهم الصديق" (٤).


(١) الشريعة (ص ٢٨).
(٢) هو: عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري المشهور بابن بطة، حنبلي سلفي، من مؤلفاته: الإبانة الكبرى، والإبانة الصغرى، توفي سنة ٣٨٧ هـ.
ينظر: سير أعلام النبلاء (١٦/ ٥٢٩)، شذرات الذهب (٣/ ١٢٢).
(٣) ينظر: الإبانة (٢/ ٦٠٧ - ٦٠٨).
(٤) منهاج السنة (٥/ ٢٤٧ - ٢٤٨).

<<  <   >  >>