للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحفوظ مقادير الخلق، فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، جفت الأقلام، وطويت الصحف.

وهذا التقدير التابع لعلمه سبحانه يكون في مواضع جملة وتفصيلاً، فقد كتب في اللوح المحفوظ ما شاء، وإذا خلق جسد الجنين قبل نفخ الروح فيه بعث إليه ملكاً، فيؤمر بأربع كلمات، فيقال له: اكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد.

فهذه الدرجة تشمل مرتبتين: الأولى: العلم، والثانية: الكتابة.

الدرجة الثانية: مشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة، وهو الإيمان بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن ما في السموات وما في الأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى، لا يكون في ملكه إلا ما يريد، وأنه سبحانه على كل شيء قدير من الموجودات والمعدومات، فما من مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه سبحانه، فلا خالق غيره، ولا رب سواه، ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته، وطاعة رسله، ونهاهم عن معصيته، وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين، ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ولا يحب الكافرين، ولا يرضى عن القوم الفاسقين، ولا يأمر بالفحشاء، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد.

فهذه الدرجة تشمل مرتبتين: الأولى: الإرادة والمشيئة، والثانية: الخلق والتكوين.

٣ - أما أفعال العباد فهي داخلة في المرتبة الرابعة، ومذهب السلف فيها: أن الله خالق أفعال العباد، والعباد فاعلون حقيقة، والعبد هو المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أعمالهم، ولهم إرادة، والله خالقهم، وخالق قدرتهم وإرادتهم" (١).


(١) العقيدة الواسطية لابن تيمية (ص ٢١ - ٢٢) مع تصرف يسير، وينظر: شفاء العليل لابن القيم (ص ٢٩)، لمعة الاعتقاد لابن قدامة (ص ١٩ - ٢٠)، وشرح الطحاوية (ص ٢٧٤ - ٢٧٦) وما بعدها و (ص ٣٩٤، ٥٠٢) وما بعدها، ومعارج القبول لحافظ حكمي (٢/ ٣٢٦) وما بعدها.

<<  <   >  >>