للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧)} الإسراء: ٥٧ " (١).

إذاً فتوحيد الربوبية قد فطرت عليه القلوب، وأقرت به النفوس، إذ كل ما في الوجود يدل على بديع صنعه، وإتقان فعله، وتفرده عن خلقه.

وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد (٢).

ودلالة الفطرة على الخالق أقوى من دلالة العلوم العقلية عليه، ذلك لأن الفطرة من العلوم الضرورية الملازمة له، بخلاف العلوم العقلية، فإنها وإن كان بعضها ضرورياً، إلا أنه قد يغفل كثير من بني آدم عنها، أو قد لا يستطيع تصورها (٣).

ومع أن الفطر مجبولة على الإقرار بتوحيد الربوبية، إلا أنه قد يعرض لها ما يصرفها عن ذلك الإقرار، وعندها تقام الحجة على المنُكر، قال الشيخ حافظ الحكمي (٤) - رحمه الله -: " الاعتراف به - أي بتوحيد الربوبية- ضروري في الفطر السليمة، ولكن قد يَعرض لغيرها شكٌ واضطراب وأكثر ذلك على سبيل المكابرة والاستهزاء، فيجب إقامة الحجة عليهم للإعذار إليهم، ولهذا قالت رسلهم: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إبراهيم: ١٠، الذي خلقهما وأبدعهما على غير مثال سابق، فإن شواهد الحدوث والخلق والتسخير ظاهرةٌ عليهما، فلا بد لهما من خالق وهو الله الذي لا إله إلا هو خالق كل شيء" (٥).


(١) مذكرة التوحيد (ص ٣٠ - ٣٢) وينظر: نفس المرجع (ص ١٧).
(٢) ديوان أبي العتاهية (ص ١١٢) تقديم وشرح/مجيد طراد.
(٣) درء تعارض العقل والنقل (٨/ ٤٨٢) وما بعدها.
(٤) هو: حافظ بن أحمد بن علي بن أحمد حكمي، عالم متفنن، سلفي المعتقد، من مؤلفاته: معارج القبول، وأعلام السنة المنشورة، الجوهرة الفريدة في تحقيق العقيدة، توفي سنة (١٣٧٧ هـ).
ينظر: الأعلام للزركلي (٢/ ١٥٩)، الشيخ حافظ بن أحمد حكمي د. أحمد علوش، والنهضة الإصلاحية في جنوب المملكة العربية السعودية لعمر أحمد المدخلي (ص ١٦٨ - ١٨٧).
(٥) معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول (١/ ١٠٦).

<<  <   >  >>