للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العقيدة ذاتها، مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، بحيث لا تكون الشهادة صحيحة وقائمة إن لم تؤد عند صاحبها هذا المعنى وهو الالتزام بما جاء من عند الله. والتحاكم إلى شريعة الله ورفض التحاكم إلى أي شريعة سوى شريعة الله، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} النساء: ٦٥ (١).

قال الإمام ابن تيمية - رحمه الله -: " فلما نفى الإيمان حتى توجد هذه الغاية دل ذلك على أن هذه الغاية فرض على الناس فمن تركها كان من أهل الوعيد" (٢).

وانطلاقاً من هذا المفهوم نستطيع أن نرى حكم الله في العلمانية بسهولة ووضوح أنها باختصار: نظام طاغوتي جاهلي يتنافى مع لا إله إلا الله من ناحيتين أساسيتين متلازمتين:

أولا:- من ناحية كونها حكماً بغير ما أنزل الله.

إن العلمانية تعني - بداهة - الحكم بغير ما أنزل الله، فهذا هو معنى قيام الحياة على غير الدين، ومن ثم فهي -بالبديهة أيضاً- نظام جاهلي لا مكان لمعتقده في دائرة الإسلام، بل هو كافر بنص القرآن الكريم: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)} المائدة: ٤٤.

ثانيا:- من ناحية كونها شركاً في عبادة الله.

فمن نواقض الإسلام العشرة - غير الشرك الذي هو الناقض الأكبر والذي لا شك أن العلمانية نوع منه كما سيأتي ناقضان:

١ - من اعتقد أن غير هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر.

٢ - من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى -عليه السلام- فهو كافر (٣).


(١) ينظر: بحوث ودراسات في المذاهب والتيارات (ص ٢٦٣ - ٢٦٦)، تفسير القرآن العظيم (١/ ٥٢٠).
(٢) كتاب الإيمان لابن تيمية (ص ٣٣).
(٣) ينظر: مجموعة التوحيد، ابن عبد الوهاب وابن تيمية، وغيرهما من العلماء (٣٧ - ٣٨).

<<  <   >  >>