للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " الفلسفة لفظ يوناني ومعناها محبة الحكمة، والفيلسوف في لغتهم محب الحكمة، ولهذا يقولون سوفستيا أي حكمة مموهة، ثم كثرت في الألسنة فقيل سفسطة أي حكمة مموهة، وأما ما يقوله طائفة ممن يحكي مقالات الناس إن في العالم رجلا كان اسمه "سوفسطا" وأنه كان هو وشيعته ينكرون الحقائق كلها؛ وجعلوا هذه أربع فرق فرقة تجزم بنفي الحقائق، وطائفة تجزم بنفي العلم بها وتقول ليس عند أحد منهم علم بشيء، وطائفة واقفة يقولون لا ندري تسمى المتجاهلة وتسمى اللاأدرية، وطائفة تجعل الحقائق تتبع العقائد، فكل من اعتقد شيئا فهو في نفس الأمر على ما اعتقد، فهذا النقل على ظاهره باطل ليس في العالم طائفة معروفة تقول بشيء من هذه الأقوال في كل شيء ولا رجل اسمه "سوفسطا"، ولكن كل من هذه الأقوال قد يعرض لكثير من الناس في بعض الأمور فيكون قد سفسط في ذلك الأمر كالكفار الذين جحدوا ما علموا أنه الحق، قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤)} النمل: ١٤، وقال: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦)} البقرة: وقال تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣)} الأنعام: ٣٣ " (١).

ولشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - رأي في السفسطة يقول فيه: "وإنما المقصود أن الناقلين للمقالات وأهل الجدل صاروا يعتبرون باللفظة المعربة (سوفسيقيا) وهي (سوفسطا) عن هذا المعنى الذي يتضمن إنكار الحق وتمويه بالباطل، وظن من ظن أن هذا قول ومذهب عام لطائفة في كل حق، وليس الأمر كذلك، وإنما هو عارض النبي آدم في كثير من أمورهم، فكل من جحد حقاً معلوما وموَّه ذلك بباطل فهو مسفسط في هذا الموضع وإن كان مقراً بأمور أخرى" (٢).


(١) الصدفية (٢/ ٣٢٣ - ٣٢٤).
(٢) بيان تلبيس الجهمية (١/ ٣٢٤).

<<  <   >  >>