للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشاهد من الآية: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ} آل عمران: ١٧٥، نهى عن خوف الكفّار وأولياء الشيطان خوفاً يمنع من الدعوة والجهاد في سبيل الله، والقيام بواجبات الدين، وأمر بخوفه سبحانه وتعالى.

فدلّ على أن الخوف عبادةٌ عظيمة، يجب أن تُخلص لله عزّ وجلّ (١).

ثانياً: التوكل على الله.

قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله -: "حقيقة التوكل هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة. ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطير، تغدوا خماصاً وتروح بطاناً) (٢)، أي أن الناس لو حققوا التوكل على الله بقلوبهم واعتمدوا عليه اعتمادا كليا في جلب ما ينفعهم ودفع ما يضرهم وأخذوا بالأسباب المفيدة لساق إليهم أرزاقهم مع أدنى سبب، كما يسوق إلى الطير أرزاقها بمجرد الغدو والرواح، وهو نوع من الطلب ولكنه سعي يسير، وتحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدر الله سبحانه وتعالى المقدرات بها وجرت سننه في خلقه بذلك فإن الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة والتوكل بالقلب عليه إيمان به، قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)} المائدة: ١١، فجعل التوكل مع التقوى التي هي القيام بالأسباب المأمور بها والتوكل بدون القيام بالأسباب المأمور بها عجز محض وإن كان مشوبا بنوع من التوكل، فلا ينبغي للعبد أن يجعل توكله عجزا ولا عجزه توكلا، بل يجعل توكله من جملة الأسباب التي لا يتم المقصود إلا بها كلها" (٣).


(١) ينظر لما سبق من أنواع الخوف: إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد للشيخ صالح بن فوزان الفوزان (٣/ ٧٨ - ٨٥)، وشعب الإيمان للبيهقي (١/ ٤٦٣) وما بعدها، منهاج السنة لابن تيمية (٥/ ٤٨٤)، معارج القبول (٢/ ٤٤٣)، إغاثة اللهفان لابن القيم (١/ ١١٠)، وتيسير العزيز الحميد (ص ٢٤، ٤٢٦)، كشف الأوهام والالتباس عن تشبيه بعض الأغبياء من الناس، لابن سحمان (١/ ١١١).
(٢) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الزهد باب في التوكل على الله برقم (٢٣٤٤)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (٢٣٤٤).
(٣) فتاوى اللجنة الدائمة (١/ ٣٨٠)، وينظر: المرجع السابق (١/ ٣٧٥ - ٣٧٧).

<<  <   >  >>