للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاسد (١)، فإن الاكتساب: منه فرض، ومنه مستحب، ومنه مباح، ومنه مكروه، ومنه حرام، كما قد عرف في موضعه. وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل المتوكلين، يلبس لأمة الحرب، ويمشي في الأسواق للاكتساب، حتى قال الكافرون: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} الفرقان: ٧، ولهذا تجد كثيراً ممن يرى الاكتساب ينافي التوكل يرزقون على يد من يعطيهم، إما صدقة وإما هدية ... ومما ينبغي أن يعلم، ما قاله طائفةٌ من العلماء، وهو: أن الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد (٢)، ومحوُ الأسباب، أن تكون أسباباً، نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع (٣)، ومعنى التوكل والرجاء، يتألَّف من وجوب التوحيد والعقل والشرع" (٤).


(١) ينظر: بسط الكلام على هذه المسألة في مجموع الفتاوى (٨/ ٥٢٦ - ٥٣٩) (٨/ ٦٨ - ٧٣، ١٣٨ - ١٣٩، ١٧٥ - ١٧٨، ٢٧٧)، ومدارج السالكين لابن القيم (٣/ ٤٩٥ - ٥٠١).
(٢) أي توحيد الربوبية وقد يدخل فيه توحيد الألوهية إذا لم يتوجه إلى الله.
(٣) لأن الشرع أمر بفعل الأسباب فـ "ليس في فعل الأسباب ما ينافي التوكل مع اعتماد القلب على خالق السبب وليس التوكل بترك الأسباب بل التوكل من الأسباب وهو أعظمها وأنفعها وأنجحها وأرجحها".
معارج القبول (٣/ ٩٨٨).
(٤) شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٤١١، ٤١٢، ٦٩٦)، وينظر: بغية المرتاد (١/ ٢٦٢)، منهاج السنة (٥/ ٣٦٦) (٨/ ٨٠)، المنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي (١، ٥١١)، رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر لمرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي (ص ٢٧).

<<  <   >  >>