للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ديني، وأفردت عبادتي لله وحده في حال كوني حنيفا أي مائلا عن الشرك قصدا إلى التوحيد، ولهذا قال: ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ وهذا الذي قاله الخليل هو أصل دين الإسلام الذي بعث الله به رُسُله وأنزل به كتبه، وهو سر الخلق والأمر، قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، وقال تعالى لنبيه محمد : ﴿قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ﴾ [الرعد: ٣٦]، وقال تعالى: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر: ٢ - ٣]، وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ [الزمر: ١١ - ١٥]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: ٥]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾: أي أخلص العمل لربه ﷿، فعمل إيمانا واحتسابا، وهو محسن أي اتبع في عمله ما شرعه الله له، وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق، وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما، أي يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون متابعا للشريعة، فيصح ظاهره بالمتابعة، وباطنه بالإخلاص، فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد، فمتى فقد الإخلاص كان منافقا، وهم الذين يراءون الناس، ومتى فقد المتابعة كان ضالا جاهلا، ومتى جمعهما