للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان عمل المؤمنين الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم، قال: والحنيف هو المائل عن الشرك قصدا أي تاركا له عن بصيرة، ومقبل على الحق بكُلِّيَته، لا يصده عنه صاد، ولا يرده عنه راد. انتهى.

وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه: الذي أسلم وجهه لله هو الذي يخلص نيته لله، ويبتغي بعمله وجه الله، والمحسن هو الذي يحسن عمله فيعمل الحسنات، والحسنات هي العمل الصالح، والعمل الصالح هو ما أمر الله به ورسوله من واجب ومستحب، فما ليس من هذا ولا هذا ليس من الحسنات والعمل الصالح، فلا يكون فاعله محسنا.

قال: والإسلام هو أن يستسلم لله لا لغيره، فيعبد الله ولا يشرك به شيئا، ويتوكل عليه وحده، ويرجوه، ويخافه وحده، ويحب الله المحبة التامة، لا يحب مخلوقا كحبه لله، بل يحب لله ويبغض لله، ويوالي لله ويعادي لله، فمن استكبر عن عبادة الله لم يكن مسلما، ومن عبد مع الله غيره لم يكن مسلما، وإنما تكون عبادته بطاعته وطاعة رسوله، ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾، فكل رسول بعث بشريعة فالعمل بها في وقتها هو دين الإسلام، وأما ما بدل منها فليس من دين الإسلام، وإذا نسخ منها ما نسخ لم يبق من دين الإسلام، كاستقبال بيت المقدس في أول الهجرة بضعة عشر شهرا، ثم الأمر باستقبال الكعبة، وكلاهما في وقته دين الإسلام، فبعد النسخ لم يبق دين الإسلام إلا أن يولي المصلي وجهه شطر المسجد الحرام، فمن قصد أن يصلي إلى غير تلك الجهة لم يكن على دين الإسلام؛ لأنه يريد أن يعبد الله بما لم يأمره، وهكذا كل بدعة تخالف أمر الرسول،