للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا.

قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك: ٢] قال: أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي ما أصوبه، وأخلصه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة.

وهذان الأصلان هما تحقيق الشهادتين اللتين هما رأس الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا رسول الله.

فإن الشهادة لله بأنه لا إله إلا هو تتضمن إخلاص الألوهية له، فلا يجوز أن يتأله القلب غيره؛ لا بحب، ولا خوف، ولا رجاء، ولا إجلال، ولا إكبار، ولا رغبة، ولا رهبة، بل لابد أن يكون الدين كله لله كما قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ [الأنفال: ٣٩]، فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغيره كان في ذلك من الشرك بحسب ذلك، وكمال الدين كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره: «من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان»، فالمؤمنون يحبون الله ولله، والمشركون يحبون مع الله كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥].

والشهادة بأن محمدا رسول الله تتضمن تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أمر، فما أثبته وجب إثباته، وما نفاه وجب نفيه، كما