للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجب على الخلق أن يثبتوا لله ما أثبته الرسول لربه من الأسماء والصفات، وينفوا عنه ما نفاه عنه من مماثلة المخلوقات، فيخلصون من التعطيل والتمثيل، ويكونون على خير عقيدة في إثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل، وعليهم أن يفعلوا ما أمرهم به، وأن ينتهوا عما نهاهم عنه، ويحللوا ما أحله، ويحرموا ما حرمه، فلا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله، ولا دين إلا ما شرعه الله ورسوله، ولهذا ذم الله المشركين في سورة الأنعام والأعراف وغيرهما؛ لكونهم حرّموا ما لم يحرمه الله، ولكونهم شرعوا دينا لم يأذن به الله، كما في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا﴾ [الأنعام: ١٣٦] إلى آخر السورة، وما ذكره الله في صدر سورة الأعراف، وكذلك قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَاذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾، وقد قال تعالى لنبيه : ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤٥ - ٤٦]، فأخبره أنه أرسله داعيا إليه بإذنه، فمن دعا إلى غير الله فقد أشرك، ومن دعا إليه بغير إذنه فقد ابتدع، والشرك بدعة، والمبتدع يؤول إلى الشرك، ولم يوجد مبتدع إلا وفيه نوع من الشرك، كما قال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣١]، وكان من شركهم أنهم أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم، وحرّموا عليهم الحلال فأطاعوهم، وقد قال تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ