للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]، فقرن بعدم إيمانهم بالله واليوم الآخر أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق، والمؤمنون صدقوا الرسول فيما أخبر به عن الله وعن اليوم الآخر، فآمنوا بالله واليوم الآخر، وأطاعوه فيما أمر ونهى، وحلل وحرم، فحرموا ما حرم الله ورسوله، ودانوا دين الحق، فإن الله بعث الرسول يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، فأمرهم بكل معروف، ونهاهم عن كل منكر، وأحل لهم كل طيب، وحرم عليهم كل خبيث.

ولفظ الإسلام يتضمن الاستسلام، والانقياد، ويتضمن الإخلاص، مأخوذ من قوله تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ﴾ [الزمر: ٢٩]، فلابد في الإسلام من الاستسلام لله وحده، وترك الاستسلام لما سواه، وهذا حقيقة قولنا: لا إله إلا الله، فمن استسلم لله ولغير الله فهو مشرك، والله لا يغفر أن يُشرَك به، ومن لم يستسلم له فهو مستكبر عن عبادته وقد قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠]، وثبت عنه في الصحيح أنه قال: «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان» فقيل له: يا رسول الله، الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا أفمن الكبر ذاك؟ قال: «لا، إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس»؛ بطر الحق: جحده ودفعه، وغمط