للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله»، وقد أنكر النبي على أسامة بن زيد قتله للرجل بعد ما قال: لا إله إلا الله، فدل على أن من قال: لا إله إلا الله فهو مسلم، معصوم الدم والمال، ولا يضره مع الإتيان بالشهادتين شيء!

قيل: هذه الشبهة قد ابتلي بها أكثر الناس، فظنوا أن مجرد التكلم بالشهادتين مانع من الكفر، عاصم للدم والمال، ولو كان المتكلم بهما مرتكبا ما ينافيهما ويناقضهما، هذا ما يتوهمه كثير من الجهال والضلال، وليس الأمر كما يظنون.

والجواب عن الحديث الأول من وجوه:

أحدها: أنه إنما ورد في حق المشركين الذين يزعمون تعدد الآلهة مع الله تعالى، كما أخبر الله تعالى بذلك عنهم في كثير من الآيات كقوله تعالى: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ١٩]، ولهذا لما دعاهم النبي إلى التوحيد أنكروا ذلك وأعظموه وتعجبوا منه، فقالوا: ﴿أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [ص: ٥]، ثم تواصوا بالصبر والثبات على عبادة الآلهة المتعددة بزعمهم، كما أخبر الله عنهم في قوله تعالى: ﴿وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ﴾ [ص: ٦ - ٧]، والدليل على أن الحديث وارد في حق المشركين ما رواه أبو داود، والنسائي، والدارقطني، عن أنس بن مالك ، عن النبي قال: