ذلك من واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لأحد في جحودها أو تركها، وتقدم كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى في ذلك في أول الوجه الرابع، وكذلك قول غيره من كبار الأئمة قد تقدم هناك فليراجع.
الوجه الثالث: أن النبي ﷺ قاتل اليهود وهم يقولون لا إله إلا الله، واتفق الصحابة ﵃ على قتال مانعي الزكاة ومن أقر بنبوة مسيلمة وغيره من الكذابين، وسموهم كلهم أهل الردة وهم يقولون: لا إله إلا الله، وقاتل عليّ ﵁ الخوارج مستندا إلى أمر رسول الله ﷺ بقتالهم وهم يقولون: لا إله إلا الله، فدل على أن مجرد التلفظ بلا إله إلا الله مع ترك حقها لا ينفع صاحبه ولا يغني عنه شيئا، وقد عقد كل طائفة من أتباع الأئمة في كتب الفقه بابا في حكم المرتد، وذكروا أشياء كثيرة يكفر بها الإنسان ولو كان يشهد أن لا إله إلا الله، وبعضهم أفرد ذلك بكتاب مستقل.
وأما إنكار النبي ﷺ على أسامة بن زيد ﵄ قتله للرجل بعد ما قال: لا إله إلا الله فلأن أسامة ﵁ عاجل الرجل بعدما أظهر الإسلام، ظنا منه أنه إنما قال ذلك متعوذا من القتل، وكان الواجب على أسامة أن يكف عنه ويتثبت في أمره حتى يظهر صدقه أو كذبه فيما قال؛ لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: ٩٤]، ففي هذه الآية دليل على وجوب الكف عمن أظهر الإسلام والتثبت