للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أمره، فإن قام بحق الإسلام فهو مسلم، له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين كما تقدم في الأحاديث الصحيحة، وإن لم يقم بحقوق الإسلام، أو تبين منه بعد التزامها ما يخالف الإسلام قُتل؛ لقول النبي : «إلا بحقها»، فقد جعله شرطا في عصمة الدم والمال.

ولقوله أيضا في الخوارج: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا عظيما عند الله لمن قتلهم».

وقال: «لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد».

وأخبر أنهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، هذا مع قولهم لا إله إلا الله ومع عبادتهم العظيمة، حتى قال النبي فيهم: «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم»، فإذا كان هذا حال من ترك بعض حقوق الإسلام لم تنفعه عبادته ولا قوله لا إله إلا الله، فكيف بمن يترك حقوق الإسلام كلها ويزعم أنه مسلم معصوم الدم والمال بمجرد قوله بلسانه لا إله إلا الله من غير اعتقاد لمعناها ولا عمل بمقتضاها؟! فما أشبه من كانت هذه حاله بمن قال الله تعالى فيهم: ﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: ٣٠]، قال ابن جرير رحمه الله تعالى في هذه الآية: وهذا من أبين الدلالة على خطأ من زعم أن الله لا يعذب أحدا على معصية ركبها، أو ضلالة اعتقدها، إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها، فيركبها عنادا منه لربه فيها؛ لأنه لو كان كذلك لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل وهو يحسب أنه مهتد وفريق الهدى فرق، وقد فرّق الله تعالى بين أسمائهما