ذلك؟ فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار؛ حجازا وعراقا، وشاما ويَمنا، فكان من مذهبهم: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته، ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة، ومن شك في كفره -ممن يفهم ولا يجهله- فهو كافر، ومن وقف في القرآن فهو جهمي، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، قال أبو حاتم: والقرآن كلام الله وعلمه، وأسماؤه وصفاته، وأمره ونهيه، ليس بمخلوق من جميع الجهات.
وقال أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الخالق في كتاب "الورع": سألت عبد الوهاب -يعني الوراق- عمن لا يُكفِّر الجهمية؛ قلت: يُصلَّى خلفه؟ قال: لا يُصلَّى خلفه، هذا ضال مضل، مُتَّهم على الإسلام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ومن الجهمية المتفلسفة والمعتزلة يقولون: إن كلام الله مخلوق، وإن الله كلم موسى بكلام مخلوق خلقه في الهواء، وإنه لا يُرى في الآخرة، وإنه ليس مباينا لخلقه، وأمثال هذه المقالات التي تستلزم تعطيل الخالق، وتكذيب رسوله، وإبطال دينه.
وقال أيضا: أصل هذه المقالة -أي التعطيل للصفات- إنما هو مأخوذ من تلامذة اليهود والمشركين وضُلال الصابئين، فإن أول من حُفظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام جعد بن درهم، وأخذها عنه الجهم بن صفوان وأظهرها، فنُسبت مقالة الجهمية إليه، وقد قيل: إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان من طالون بن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر الذي سحر النبي ﷺ، وكان