للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأخبره بهذا عن أبي هريرة، فقال معاوية: قد فُعل بهؤلاء هذا، فكيف بمن بقي من الناس؟! ثم بكى معاوية بكاء شديدًا حتى ظننا أنه هالك، وقلنا: قد جاءنا هذا الرجل بِشَرٍّ، ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه، وقال: صدق الله ورسوله: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [هود: ١٥ - ١٦] قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: سمعت شيخ الإسلام -يعني أبا العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى- يقول: كما أن خير الناس الأنبياء، فشر الناس من تشبه بهم من الكاذبين، وادعى أنه منهم وليس منهم، وخير الناس بعدهم العلماء، والشهداء، والمتصدقون المخلصون، فشر الناس من تشبه بهم، يوهم أنه منهم وليس منهم.

وقال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: قوله في الغازي والعالم والجواد، وعقابهم على فعلهم ذلك لغير الله، وإدخالهم النار، دليل على تغليظ تحريم الرياء، وشدة عقوبته، وعلى الحث على وجوب الإخلاص في الأعمال كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥]، وفيه أن العمومات الواردة في فضل الجهاد إنما هي لمن أراد الله تعالى بذلك مخلصًا، وكذلك الثناء على العلماء، وعلى المنفقين في وجوه الخيرات، كله محمول على من فعل ذلك لله تعالى مخلصًا. انتهى.

وفي الصحيحين، ومسند الإمام أحمد، والسنن، وغيرها عن أمير