للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبلغ من ذلك كله قول النبي : «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» رواه البخاري من حديث عائشة .

وكثير منهم لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه، وإذا أمرهم أحد بمعروف أو نهاهم عن منكر سخروا منه، وهمزوه ولمزوه، وازدروا به، ورموه زورا وبهتانا بكل ما يرون أنه يدنسه ويشينه.

وبالجملة فلا ترى أكثرهم إلا على أخلاق الفُساق والسفهاء، راغبين عن أخلاق أهل العلم والدين، مجانبين كل فضيلة، ومقارفين كل رذيلة، فهم الذين تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وثبطوا غيرهم عن القيام في ذلك، وصارحوا بالعداوة والأذى كل من أنكر عليهم شيئا من أفعالهم السيئة، فصلوات الله وسلامه عن الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.

والمراد بما ذكر في حديث أنس الأكثر والأغلب لا العموم؛ لما جاء في الحديث الصحيح: «لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك» قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: هم أهل العلم، وقال الترمذي في جامعه: قال محمد بن إسماعيل -يعني البخاري-: قال علي بن المديني: هم أصحاب الحديث. انتهى، وكذا قال ابن المبارك وأحمد بن سنان وابن حبان وغيرهم، وقال يزيد بن هارون وأحمد بن حنبل: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري مَن هم! والمراد بقولهم أهل العلم وأهل الحديث؛ حَمَلة