فالقيامُ بالدينِ الإسلاميِّ على وجههِ -بعقائدهِ وحقائقهِ وأخلاقهِ وأداءِ حقوقهِ- هوَ السدُّ المانعُ شرعًا وقدرًا لهذهِ الطائفةِ، التي بها فسادُ الأديانِ والدنيا والآخرةِ.
* وأمرَ تعالى الآخِذَ منهم الزكاةَ أنْ يصليَ عليهم؛ فيدعُوَ لهم بالبركةِ؛ فإنَّ في ذلكَ تطمينًا لخواطرِهم، وتسكينًا لقلوبِهم، وتنشيطًا لهم، وتشجيعًا على هذا العملِ الفاضلِ.
وكما أنَّ الإمامَ والساعيَ مأمورٌ بالدعاءِ للمزكِّي عندَ أخذِها، فالفقيرُ المحتاجُ إذا أُعطيَها من بابِ أولى أنْ يُشرعَ لهُ الدعاءُ للمعطِي؛ تسكينًا لقلبهِ، وفي هذا إعانةٌ على الخيرِ.
* ودلَّ تعليلُ الآيةِ الكريمةِ أنَّ كلَّ ما أعانَ على فعلِ الخيرِ، ونشطَ عليهِ، وسكنَ قلبَ صاحبهِ؛ أنهُ مطلوبٌ ومحبوبٌ للهِ، وأنهُ ينبغِي للعبدِ مراعاتهُ وملاحظتهُ في كلِّ شأنٍ من شؤونهِ، فإنَّ مَنْ تفطنَ لهُ فتحَ لهُ أبوابًا نافعةً لهُ ولغيرهِ بلا تعبٍ ولا مشقةٍ، وأنهُ ينبغِي إدخالُ السرورِ على المؤمنينَ.
* ولما أمرَ في آيةِ (البقرةِ) بالنفقاتِ قالَ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [البقرة: ٢٦٧] غنيٌّ بذاتهِ عن جميعِ المخلوقينَ، وهوَ الغنيُّ عن نفقاتِ المنفقينَ وطاعاتِ الطائعينَ، وإنما أمرَهم بها وحثَّهم عليها لمحضِ مصلحتِهم ونفعِهم، وبمحضِ فضلهِ وكرمهِ عليهم؛ إذْ تفضَّلَ عليهم بالأمرِ بهذهِ الأعمالِ، والتوفيقِ لفعلِها التي توصلُ أصحابَها إلى أعلى المقاماتِ، وأفضلِ الكراماتِ.
ومعَ كمالِ غناهُ وسعةِ عطاياهُ فهوَ الحميدُ فيما يشرعهُ لعبادهِ من الأحكامِ الموصلةِ لهم إلى دارِ السلامِ، وحميدٌ في أفعالهِ التي لا تخرجُ عن الفضلِ والعدلِ والحكمةِ، وحميدُ الأوصافِ؛ لأنَّ أوصافَهُ كلَّها محاسنُ وكمالاتٌ، لا يدركُ العبادُ كنهَها، ولا يَقْدُرُونها حقَّ قدرِها.