للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغيرِها؛ ولهذا قالَ النبيُّ : «أيامُ التشريقِ أيامُ أكلٍ وشربٍ وذكرٍ للهِ» (١).

ويدخلُ في ذكرِ اللهِ: رميُ الجمارِ، والتكبيرُ عندَ رميِها، والدعاءُ بينَ الجمرتينِ، والذبحُ والتسميةُ فيه، والصلواتُ التي تُفعلُ فيها من فرائضَ ونوافلَ، والذكرُ المقيدُ بعدَ الفرائضِ فيها، وعند كثيرٍ من أهلِ العلمِ أنهُ يستحبُّ فيها التكبيرُ المطلقُ كالعشرِ؛ فجميعُ ما يقربُ إلى اللهِ داخلٌ بذكرِهِ.

* ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٠٣] أي: خرَجَ من مِنًى، ونفَرَ منها قبلَ غروبِ الشمسِ ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾، ﴿وَمَنْ تَأَخَّرَ﴾ بأنْ باتَ بها ليلةَ الثالثِ من أيامِ التشريقِ؛ ليرميَ من غَدهِ ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾، وهذا تخفيفٌ من اللهِ على عبادهِ حينَ أباحَ الأمرينِ، معَ أنَّ التأخرَ أرجحُ؛ لموافقتهِ فعلَ النبيِّ ، وزيادةِ العباداتِ.

* وقولهُ: ﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾ هذا من الاحترازِ العالي؛ لأنَّ نفيَ الحرجِ يوهِمُ العمومَ، [فقيَّدَ] (٢) ذلكَ بهذا الشرطِ، الذي هوَ شرطٌ لنفيِ الحرجِ في كلِّ شيءٍ.

* ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ بامتثالِ أوامرهِ، واجتنابِ نواهيهِ، ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ فمُجازِيكم بأعمالِكم، فمَن اتقاهُ وجَدَ عندَهُ جزاءَ المتقينَ، ومَن لم يتقهِ عاقبَهُ عقوبةَ تاركِ التقوى؛ فإنَّ التقوى هيَ ميزانُ الثوابِ والعقابِ في القائمِ بها والمضيعِ لها؛ فالعلمُ بالجزاءِ والإيمانُ بهِ هوَ أعظمُ الدواعِي للقيامِ بالتقوى.


(١) مسلم (١١٤١).
(٢) كذا في (خ). وفي (ط): فقيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>