للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغيرِ هذا الخُلقِ الفاضلِ الذي هوَ أعلى (١) الأخلاقِ وأنفعُها، قالَ تعالى: ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾ [النساء: ١٠٤] فحثَّهم على الصبرِ [بتأميلِهم] (٢) وطمعهم في الأجرِ والثوابِ، وإدراكِ المقاماتِ العاليةِ.

وقالَ أيضًا في ذمِّ الناكلينَ، وترغيبِ التائبينَ الصابرينَ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١٢٠) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢١)[التوبة: ١٢٠ - ١٢١].

وقالَ عن المنافقينَ ونكولِهم عن مشقةِ الجهادِ: ﴿وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾ [التوبة: ٨١] أي: لو كان عندَهم فقهٌ نافعٌ في تنزيلِ الأشياءِ منازلَها، وتقديمِ ما ينبغِي تقديمُهُ؛ لآثَرُوا مشقةَ الجهادِ على راحةِ القعودِ الضارِّ عاجلًا وآجلًا. وفي هذا: أنهُ بحسبِ فقهِ العبدِ وعلمهِ ويقينهِ يكونُ قيامُهُ بالجهادِ، وصبرُهُ عليهِ وثباتُهُ.

* ومن دواعي الصبرِ -وهوَ من الفقهِ أيضًا-: أنهُ إذا عَلِمَ المجاهدُ أنهُ على الحقِّ ويجاهدُ (٣) أهلَ الباطلِ، أنَّ هذا أعلى الغاياتِ وأشرفُها وأحقُّها، وأنَّ الحقَّ منصورٌ وعاقبتَهُ حميدةٌ.

* ومن دواعي الصبرِ: الثقةُ باللهِ وبوعدهِ؛ فإنَّ اللهَ وعدَ الصابرينَ العونَ والنصرَ، وأنهُ معهم في كلِّ أحوالِهم، ومَن كان اللهُ معهُ فلو اجتمعَ عليهِ مَنْ بأقطارِها لم يَخَفْ إلا اللهَ.


(١) في (خ): من أعلى.
(٢) كذا في (خ). وفي (ط): بتأملهم.
(٣) بعدها في (خ): عن الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>