للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومما يعينُ على الصبرِ والثباتِ: الأمرُ الثاني، وهوَ التوكلُ على اللهِ، وقوةُ الاعتمادِ عليهِ، والتضرعُ إليهِ في طلبِ النصرِ، والإكثارُ من ذكرهِ، كما قالَ تعالى هنا حيثُ رتَّبَ على هذا الفلاحَ: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال: ٤٥].

وقال تعالى: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٤٩]، وقال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (١٤٧) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ﴾ [آل عمران: ١٤٦ - ١٤٨].

وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ﴾ [محمد: ٧] أي: تقوموا بدينهِ وبالحقِّ الذي جاءَ بهِ رسولهُ، مخلصينَ للهِ، قاصدينَ أنْ تكونَ كلمةُ اللهِ هيَ العليا؛ ﴿يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.

وقالَ تعالى: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٠]، فإخبارهُ بأنهُ المتفردُ بنصرِهم، وأنَّ غيرَهُ لا يملكُ من النصرِ شيئًا، وأمرُهم بالتوكلِ عليهِ؛ أمرٌ لهم بأقوى الأسبابِ النافعةِ في هذا المقامِ العظيمِ.

وقالَ تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: ٣]، ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: ٣٦] أي: الذي قامَ بعبوديتهِ، فبحسبِ توكلِهم عليهِ وقيامِهم بعبوديتهِ يحصلُ لهم النصرُ والكفايةُ التامةُ.

* ومن أسبابِ النصرِ والصبرِ والثباتِ: اتفاقُ القلوبِ، وعدمُ التفرقِ والتنازعِ، فإنَّ ذلكَ محلِّلٌ للقوةِ، موجبٌ للفشلِ، وأمَّا اجتماعُ الكلمةِ، وقيامُ الألفةِ بينَ المؤمنينَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>