للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العيونَ لتعرفَ أحوالَ العدوِّ، ويستعينُ بمشاورةِ أصحابهِ كما أمرَ اللهُ بذلكَ، خصوصًا في هذا الأمرِ المهمِّ.

* و [من المهمِّ] (١): تعرُّفُ أسرارِ العدوِ، وبثُّ العيونِ، ووضعُ الجواسيسِ السريينَ الذينَ لا يكادُ يُشعَرُ بهم، كما أنَّ من المهمِّ: التحرزَ من جواسيسِ العدوِّ، وعملَ الأسبابِ لأخذِ الحذرِ من ذلكَ بحسبِ ما يليقُ ويناسبُ الزمانَ والمكانَ.

* ومن المهمِّ أيضًا: أنْ تُفعلَ جميعُ الأسبابِ الممكنةِ في إخلاصِ الجيوشِ [للهِ] (٢)، وقتالِها عن الحقِّ، وأنْ تكونَ غايتُها كلُّها واحدةً، لا يزعزعُها عن هذا الغرضِ الساميِّ فقدُ رئيسٍ، أو انحرافُ كبيرٍ، أو تزعزعُ مركزِ قائدٍ، أو توقفٌ في صمودِها في طريقِها النافعِ على أمورِ خارجيةٍ؛ فإنهُ متى كانت هذهِ الغايةُ العاليةُ هيَ التي يسعَى لها أهلُ الحلِّ والعقدِ، ويعملونَ لها التعليماتِ القوليةَ والفعليةَ؛ كانتِ الجيوشُ التي على هذا الوصفِ مضربَ المثلِ في الكمالِ وسدادِ الأحوالِ، وحصولِ المقاصدِ الجليلةِ؛ ولهذا أرشدَ اللهُ المؤمنينَ يومَ أُحدٍ إلى هذا النظامِ العجيبِ فقالَ تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)[آل عمران: ١٤٤]، فنبهَهُم على أنهُ وإنْ كان محمدٌ هوَ الإمامُ الأعظمُ والرسولُ المعظمُ؛ فإنهُ لا ينبغِي لكم أنْ يفتَّ فقدُهُ في عزيمتِكم، وانحلالِ قوتِكم، بلْ أنتم تقاتلونَ للهِ، وعلى الحقِّ الذي بعثَ بهِ رسولهُ، ولدفعِ الباطلِ والشرورِ، فاجعلوا هذهِ الغايةَ نصبَ أعينِكم، وأساسَ عملِكم، وامضُوا قُدمًا في سبيلِ اللهِ، غيرِ هائبينَ ولا متأثرينَ إذا أتتِ الأمورُ على خلافِ مرادِكم؛ فإنَّ الأمورَ هكذا


(١) زيادة من (خ).
(٢) لفظ الجلالة زيادة من (خ).

<<  <  ج: ص:  >  >>