للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكونُ: تارةً لكَ، وتارةً عليكَ؛ والكمالُ كلُّ الكمالِ أنْ يكونَ العبدُ عبدًا للهِ في الحالينِ: في السراءِ والضراءِ، في حالِ إتيانِ الأمورِ على ما يحبُّ، أو ضدِّ ذلكَ؛ وهذا الوصفُ هوَ كمالُ الفردِ، وكمالُ الجماعاتِ، واللهُ الموفقُ.

* ومن الأمورِ المهمةِ جدًّا: أنْ يكونَ الرئيسُ رحيمًا برعيتهِ، ناصحًا محبًّا للخيرِ، ساعيًا فيه جهدَهُ، كثيرَ المراودةِ والمشاورةِ لهم، خصوصًا لأهلِ الرأيِ والحِجَا منهم؛ وأنْ تكونَ الرعيةُ مطيعةً منقادةً، ليسَ عندهم منازعاتٌ ولا مشاغباتٌ، قالَ تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩] أي: إذا حصلَ النزاعُ في أيِّ أمرٍ من الأمورِ -خصوصًا في الأمورِ المتعلقةِ في سياسةِ الحربِ- رُدَّتْ إلى هذا الأصلِ الذي يطمئنُ إليهِ المؤمنونَ، ويلجأُ إليهِ كبارُهم وصغارُهم؛ لعلمِهم أنهُ فرضٌ على جميعِهم، ولعلمِهم أنَّ حكمَ اللهِ ورسولهِ هوَ الخيرُ والصلاحُ، وأنَّ اللهَ يعلمُ من مصالحِهم ما لا يعلمونَ، ويرشدُهم إلى كلِّ ما بهِ ينتفعونَ.

* ومن الأمورِ المهمةِ جدًّا: سلوكُ طريقِ الحقِّ، والعدلُ في قسمةِ الغنائمِ، وألَّا تكونَ ظالمةً مستبدًا بها الأقوياءُ، محرومًا منها الضعفاءُ، أو تكون فوضَى؛ فإنَّ هذينِ الأمرينِ معَ ضررِهما في الدينِ، وأنَّ هذا لا يحلُّ ولا يجوزُ، وهوَ من أعظمِ المحرماتِ؛ فإنهما يضرَّانِ غايةَ الضررِ في الجيوشِ: في وقوعِ العداواتِ، وحصولِ الجشعِ والطمعِ، وكونِ وجهتِها تكونُ متباينةً؛ فبذلكَ ينحلُّ النظامُ، ويقعُ الفشلُ، ويكون هذا الأمرُ أعظمَ سلاحٍ للأعداءِ على المسلمينَ.

* ومن الأمورِ المهمةِ جدًّا أيضًا -وهيَ عونٌ كبيرٌ في الحروبِ-: السعيُ بقدرِ الاستطاعةِ في إيقاعِ الانشقاقِ في صفوفِ الأعداءِ، وفعلُ كلِّ سببٍ يحصلُ بهِ تفريقُ شملِهم وتفريقُ وحدتِهم، ومهادنةُ مَنْ يمكنُ مهادنتُهُ منهم، وبذلُ الأموالِ للرؤساءِ إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>