للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبرَهما اللهُ أنهُ لابدَّ أنْ يبتليَهما وذريتَهما، وأنَّ مَنْ آمنَ وعملَ صالحًا كانتْ عاقبتهُ خيرًا من حالتهِ الأولى، ومَن كذَّبَ وتولَى فآخرُ أمرهِ الشقاءُ الأبديُّ والعذابُ السرمديُّ.

وحذَّرَ اللهُ الذريةَ منهُ فقالَ: ﴿يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾ [الأعراف: ٢٧]، وأبدلَهم اللهُ بذلكَ اللباسِ الذي نزعَهُ الشيطانُ من الأبوينِ، بلباسٍ يوارِي السَّوآتِ، ويحصلُ بهِ الجمالُ الظاهرُ في الحياةِ، ولباسٍ أعلى من ذلكَ، وهوَ لباسُ التقوَى، الذي هوَ لباسُ القلبِ والرُّوحِ بالإيمانِ والإخلاصِ والإنابةِ، والتحلِّي بكلِّ خلقٍ جميلٍ، والتخلِّي عن كلِّ خلقٍ رذيلٍ.

ثم بثَّ اللهُ من آدمَ وزوجَهُ رجالًا كثيرًا ونساءً، ونشرَهم في الأرضِ، واستخلفَهم فيها؛ لينظرَ كيفَ يعملونَ.

* فوائدُ مستنبطةٌ من هذهِ القصةِ، أصوليةٌ وفروعيةٌ وأخلاقٌ وآدابٌ:

* فمنها: أنَّ هذهِ القصةَ العظيمةَ ذكرَها اللهُ في كتابهِ في مواضعَ كثيرةٍ صريحةٍ

لا ريبَ فيها ولا شكَّ، وهيَ من أعظمِ القصصِ التي اتفقَتْ عليها الرسلُ، ونزلَتْ بها الكتبُ السماويةُ، واعتقَدَها جميعُ أتباعِ الأنبياءِ من الأولينَ والآخرينَ، حتى نبغَتْ في هذهِ الأزمانِ المتأخرةِ فرقةٌ خبيثةٌ زنادقةٌ أنكروا جميعَ ما جاءَتْ بهِ الرسلُ، وأنكروا وجودَ البارِي، ولم يثبتوا من العلومِ إلا العلومَ الطبيعيةَ التي وصلَتْ إليها معارفُهم القاصرةُ.

فبناءً على هذا المذهبِ -الذي هوَ أبعدُ المذاهبِ عن الحقيقةِ شرعًا وعقلًا- أنكروا آدمَ وحواءَ، وما ذكرَهُ اللهُ ورسولهُ عنهما، وزعموا أنَّ هذا الإنسانَ كان حيوانًا قردًا، أو شبيهًا بالقردِ، حتى ارتقَى إلى هذهِ الحالِ الموجودةِ!

<<  <  ج: ص:  >  >>