ولهذا كان من أجلِّ الفضائلِ لأتباعِ الرسلِ: أنْ يكونوا مقتدينَ بالرسلِ في هذهِ الفضيلةِ، واللهُ تعالى يجعلُ لهم من فضلهِ من رفعةِ الدنيا والآخرةِ أعظمَ مما يتنافسُ فيه طلابُ الدنيا.
* ومنها: أنَّ القدحَ في نياتِ المؤمنينَ، وفيما مَنَّ اللهُ عليهم بهِ من الفضائلِ، والتألِّي على اللهِ أنهُ لا يؤتِيهم من فضلهِ؛ من مواريثِ أعداءِ الرسلِ؛ فلهذا قالَ نوحٌ لقومهِ حينَ تألَّوا على اللهِ، وتوسَّلوا في ذمِّ المؤمنينَ بهِ بذلكَ، فقالَ: ﴿وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [هود: ٣١].
وأنهُ ينبغِي أيضًا الدعاءُ بالبركةِ في نزولِ المنازلِ العارضةِ، كالمنازلِ في إقاماتِ السفرِ وغيرهِ، والمنازلِ المستقرةِ كالمساكنِ والدورِ؛ لقولهِ: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾ [المؤمنون: ٢٩].
وفي ذلكَ كلِّهِ: من استصحابِ ذكرِ اللهِ، ومن القوةِ على الحركاتِ والسكناتِ، ومن قوةِ الثقةِ باللهِ، ومن نزولِ بركةِ اللهِ التي خيرُ ما صحبَتِ العبدَ في أحوالهِ كلِّها - ما لا غنًى للعبدِ عنهُ طرفةَ عينٍ.