وإنما أطَلْنا الكلامَ على هذهِ المسألةِ -وإنْ كانتْ تستحقُّ من البسطِ أكثرَ من هذا- لأمرينِ:
• أحدهما: أنَّ الزنادقةَ المتأخرينَ الذينَ أنكروا وجودَ البارِي، وأنكروا جميعَ ما أخبرَتْ بهِ الرسلُ والكتبُ السماويةُ من أمورِ الغيبِ، ولم يثبتُوا من العلومِ إلا ما وصلَتْ إليهِ حواسُّهم وتجاربُهم القاصرةُ على بعضِ علومِ الكونِ، وأنكروا ما سوى ذلكَ، وزعموا أنَّ هذا العالمَ وهذا النظامَ الموجودَ فيه لا يمكنُ أنْ يغيَّرَهُ مغيرٌ، أو يغيَّرَ شيئًا من أسبابهِ، وأنهُ وُجِدَ صدفةً من غيرِ إيجادِ موجدٍ، وأنهُ آلةٌ تمشي بنفسِها وطبيعتِها، ليسَ لها مدبرٌ ولا ربٌّ ولا خالقٌ!