• وسخَّرَ اللهُ لهُ الجنَّ والشياطينَ والعفاريتَ يعملونَ لهُ الأعمالَ الفخمةَ بحسبِ إرادتهِ، ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾ [سبأ: ١٣]، وتذهبُ وتجيءُ بأمرهِ إلى حيثُ أرادَ.
• وسخَّرَ لهُ من الجنودِ من الإنسِ والجنِّ والطيرِ، ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ [النمل: ١٧] بتدبيرٍ عجيبٍ ونظامٍ غريبٍ.
• وعلَّمَهُ اللهُ منطقَ الطيرِ وسائرِ الحيواناتِ، فكانتْ تخاطبهُ ويفهمُ ما [تتكلَّمُ] (١) بهِ؛ ولهذا خاطبَ الهدهدَ وراجعَهُ تلكَ المراجعةَ، وسمعَ النملةَ إذْ نادتْ في قومِها: ﴿يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: ١٨] فحذرَتْ وأمرَتْ بما يَقِيَ من الخطرِ، واعتذرَتْ عن سليمانَ وجنودهِ؛ فلهذا ابتسمَ سليمانُ ضاحكًا من قولِها وقالَ: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ [النمل: ١٩].
ومن حسنِ نظامهِ وحزمهِ: أنهُ يتفقدُ الجنودَ بنفسهِ، معَ أنهُ قدْ جعَلَ لهم مدبِّرِينَ، فإنَّ قولَهُ: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٧)﴾ [النمل: ١٧] دليلٌ على ذلكَ، حتى أنهُ تفقدَ الطيورَ؛ لينظرَ هلْ هيَ لازمةٌ لمراكزِها، فقالَ: ﴿مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ [النمل: ٢٠]، وليسَ الأمرُ كما يقولُ كثيرٌ من المفسرينَ أنهُ طلبَهُ لينظرَ لهُ الأرضَ وبُعْدَ مائِها؛ فإنَّ هذا خلافُ اللفظِ القرآنيِّ، فإنَّ اللهَ لم يقلْ: (وطلَبَ الهدهدَ)، بلْ قالَ: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ﴾ [النمل: ٢٠].
(١) كذا في (خ). وفي (ط): تكلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute