للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل في بعض الفوائد المستنبطة من قصة داود وسليمان

* فمنها: أنَّ اللهَ يقصُّ على نبيهِ محمدٍ أخبارَ مَنْ قبلَهُ لتثبيتِ فؤادهِ وتطمينِ نفسهِ، ويذكرُ لهُ من عباداتِهم، وشدةِ صبرِهم، وإنابتِهم؛ ما يشوِّقُ إلى منافستِهم، والتقربِ إلى اللهِ الذي تنافسُوا في قربهِ، والصبرِ على أذى قومهِ؛ ولهذا ذكرَ تعالى في أولِ سورةِ (ص) ما قالَهُ المكذبونَ لمحمدٍ وما آذَوهُ بهِ، قالَ بعدَها: ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ١٧] الآيات.

* ومنها: أنَّ قولَهُ: ﴿ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ١٧] مدحٌ عظيمٌ من اللهِ لهذينِ الوصفينِ: قوةِ القلبِ والبدنِ على طاعةِ اللهِ، والإنابةِ باطنًا وظاهرًا إلى اللهِ، المستلزمةِ لمحبتهِ وكمالِ معرفتهِ، وأنَّ هذينِ الوصفينِ للأنبياءِ على وجهِ الكمالِ، ولمَن بعدَهم مِنْ أتباعِهم على حسبِ اتِّباعِهم.

والثناءُ من اللهِ عليهما يقتضِي الحثَّ على جميعِ الأسبابِ التي تعينُ على القوةِ والإنابةِ، وأنْ يكونَ العبدُ رجَّاعًا إلى اللهِ في حالِ السراءِ والضراءِ، وفي جميعِ الأحوالِ.

* ومنها: ما أكرَمَ اللهُ بهِ نبيَّهُ داودَ : من حسنِ الصوتِ ورخامتهِ، وأنَّ الجبالَ والطيورَ تسبحُ اللهَ معهُ وتجاوبهُ، وذلكَ من زيادةِ درجاتهِ ومقاماتهِ العاليةِ.

* ومنها: أنَّ من أكبرِ نعمِ اللهِ على عبدهِ أنْ يرزقَهُ العلمَ النافعَ، ويعرفَ الحُكْمَ بينَ الناسِ في المقالاتِ والمذاهبِ، وفي الخصوماتِ والمشاحناتِ، كما قالَ تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>