للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومنها: ما فيها من الأدلةِ والبراهينِ على نبوةِ نبيِّنا محمدٍ ، حيثُ قصَّ عليهِ هذهِ القصةَ المفصلةَ المبسوطةَ، الموافقةَ للواقعِ، التي أتَتْ بالمقصودِ كلِّهِ، وهوَ لم يقرَأْ كتبَ الأولينَ، ولا دارسَ أحدًا كما هوَ معلومٌ لقومهِ، وهوَ بنفسهِ أميٌّ

لا يقرأُ ولا يكتبُ؛ ولهذا قالَ: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢)[يوسف: ١٠٢].

* ومنها: أنهُ ينبغِي للعبدِ البعدُ عن أسبابِ الشرِّ، وكتمانُ ما تُخشَى مضرتُهُ؛ لقولِ يعقوبَ ليوسفَ: ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ [يوسف: ٥].

* ومنها: ذِكْرُ الإنسانِ بما يكرَهُ على وجهِ الصدقِ والنصيحةِ لهُ أو لغيرهِ؛ لقولهِ: ﴿فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ [يوسف: ٥].

* ومنها: أنَّ نعمةَ اللهِ على العبدِ نعمةٌ على مَنْ يتعلَّقُ بهِ ويتصلُ: من أهلِ بيتهِ، وأقاربهِ، وأصحابهِ؛ فإنهُ لابدَّ أنْ يصلَهم ويشملَهم منها جانبٌ؛ لقولهِ: ﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ﴾ [يوسف: ٦] أي: بما يحصلُ لكَ؛ ولهذا لما تمَّتِ النعمةُ على يوسفَ حصَلَ لآلِ يعقوبَ من العزِّ والتمكينِ والسرورِ، وزوالِ المكروهِ، وحصولِ المحبوبِ؛ ما ذَكَرَ اللهُ في آخرِ القصةِ.

* ومنها: أنَّ النعمَ الكبيرةَ الدينيةَ والدنيويةَ لابدَّ أنْ يتقدمَها أسبابٌ ووسائلُ إليها؛ لأنَّ اللهَ حكيمٌ، ولهُ سننٌ لا تتغيرُ، قضَى بأنَّ المطالبَ العاليةَ لا تُنالُ إلا بالأسبابِ النافعةِ، خصوصًا العلومَ النافعةَ، وما يتفرَّعُ عنها من الأخلاقِ والأعمالِ؛ فلهذا عرَفَ يعقوبُ أنَّ وصولَ يوسفَ إلى تلكَ الحالةِ التي يخضعُ لهُ فيها أبوهُ وأمُّهُ وإخوتهُ؛ مقامٌ عظيمٌ، ومرتبةٌ عاليةٌ، وأنهُ لابدَّ أنْ ييسرَ اللهُ ليوسفَ من الوسائلِ ما يوصلهُ إليها؛ ولهذا قالَ: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ [يوسف: ٦] الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>