للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومنها: أنَّ العدلَ مطلوبٌ في جميعِ الأمورِ: الصغارِ والكبارِ، في معاملةِ السلطانِ لرعيتهِ، ومعاملةِ الوالدَينِ للأولادِ، والقيامِ بحقوقِ الزوجاتِ وغيرِ ذلكَ، في المحبةِ والإيثارِ ونحوِها؛ وأنَّ القيامَ بالعدلِ في ذلكَ تستقيمُ الأمورُ صغارُها وكبارُها بهِ، ويحصلُ للعبدِ ما أحبَّ، وفي الإخلالِ بذلكَ تفسدُ الأحوالُ، ويحصلُ للعبدِ المكروهُ من حيثُ لا يشعرُ؛ لهذا لما قدَّمَ يعقوبُ يوسفَ في المحبةِ، وجعَلَ وجهَهُ لهُ؛ جرَى منهم على أبِيهم وأخِيهم من المكروهِ ما جرَى.

* ومنها: الحذرُ من شؤمِ الذنوبِ، فكم مِنْ ذنبٍ واحدٍ استتبعَ ذنوبًا كثيرةً، وتسلسلَ الشرُّ المؤسسُ على الذنبِ الأولِ!

وانظُرْ إلى جرمِ إخوةِ يوسفَ، فإنهم لما أرادُوا التفريقَ بينهُ وبينَ أبيهِ الذي هوَ من أعظمِ الجرائمِ، احتالُوا على ذلكَ بعدةِ حيلٍ، وكذبوا عدةَ مراتٍ، وزورُوا على أبيهم في القميصِ والدمِ الذي فيه، وفي صفةِ حالِهم حينَ أتَوا عشاءً يبكونَ.

ولابدَّ أنَّ الكلامَ في هذهِ القضيةِ تسلسلَ وتشعَّبَ، بلْ ربما أنهُ اتصلَ إلى الاجتماعِ بيوسفَ، وكلَّما بُحثَ في هذا الموضوعِ فهوَ بحثُ كذبٍ وزورٍ، معَ استمرارِ أثرِ المصيبةِ على يعقوبَ، بلْ وعلى يوسفَ؛ فليحذَرِ العبدُ من الذنوبِ، خصوصًا الذنوبَ المتسلسلةَ!

وضدُّ ذلكَ: بعضُ الطاعاتِ تكونُ طاعةً واحدةً، ولكنْ يتسلسلُ نفعُها وبركتُها حتى تستتبعَ طاعاتٍ من الفاعلِ وغيرهِ، وهذا من أعظمِ آثارِ بركةِ اللهِ للعبدِ في علمهِ وعملهِ.

* ومنها: أنَّ العبرةَ للعبدِ في حالِ كمالِ النهايةِ، لا بنقصِ البدايةِ؛ فإنَّ أولادَ يعقوبَ جرَى منهم ما جرَى في أولِ الأمرِ من الجرائمِ المتنوعةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>