للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فالحكمةُ: وضعُ الدعوةِ في موضعِها، ودعايةُ كلِّ أحدٍ بحسبِ ما يليقُ بحالهِ ويناسبهُ، ويكونُ أقربَ لحصولِ المقصودِ منهُ.

- والموعظةُ الحسنةُ: البالغةُ في الحسنِ مبلغًا يصيرُ لها من التأثيرِ وسرعةِ الانقيادِ ما يناسبُ مقتضى الحالِ.

فالموعظةُ: بيانُ الأحكامِ معَ ذكرِ ما يقترنُ بها من الترغيبِ في ذكرِ مصالِحها ومنافعِها وخيراتِها الحاملةِ عليها، وذكرِ ما يقترنُ بها من الترهيبِ على فاعلِ المحرماتِ، أو تاركِ الواجباتِ، من العقوباتِ والخسرانِ والحسراتِ، وحرمانِ الخيرِ العاجلِ والآجلِ.

- والمجادلةُ بالتي هيَ أحسنُ: بالعباراتِ الواضحةِ والبراهينِ البينةِ التي تحققُ الحقَّ وتبطلُ الباطلَ، معَ الرفقِ واللينِ وعدمِ المغاضبةِ والمشاتمةِ.

وقدْ علمَ اللهُ معَ ذلكَ أنَّ الناسَ ثلاثةُ أقسامٍ، كلٌّ يُدعَى بالطريقِ التي تناسبهُ:

- القسمُ الأولُ: المنقادونَ الملتزمونَ الراغبونَ في الخيرِ، الراهبونَ من الشرِّ، فهؤلاءِ لِما عندَهم من الاستعدادِ لفعلِ المأموراتِ، وتركِ المنهياتِ، والاشتياقِ إلى الاعتقادِ الصحيحِ؛ فقطْ يُكتفَى ببيانِ الأمورِ الدينيةِ لهم، والتعليمِ المحضِ.

- والقسمُ الثاني: الذينَ عندَهم غفلةٌ وإعراضٌ، واشتغالٌ بأمورٍ صادَّةٍ عن الحقِّ؛ فهؤلاءِ معَ هذا التعليمِ يُدعونَ بالموعظةِ الحسنةِ بالترغيبِ والترهيبِ؛ لأنَّ النفوسَ

لا تلتفتُ إلى منافعِها، ولا تتركُ أغراضَها الصادَّةَ لها عن الحقِّ علمًا وعملًا؛ إلا معَ البيانِ لها أنْ ترغَّبَ وترهَّبَ بذكرِ ما يترتبُ على الحقِّ من المنافعِ، وعلى الباطلِ من المضارِّ، والموازنةِ بينَ الأمورِ النافعةِ والضارةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>