- والقسمُ الثالثُ: المعارضونَ أو المعاندونَ المكابرونَ، المتصدونَ لمقاومةِ الحقِّ ونصرةِ الباطلِ، فهؤلاءِ لابدَ أنْ يسلكَ معهم طريقُ المجادلةِ بالتي هيَ أحسنُ، بحسبِ ما يليقُ بالمجادِلِ والمجادَلِ، وبتلكَ المقالةِ وما يقترنُ بها.
وإذا أردتَ تطبيقَ هذهِ الأمورِ الثلاثةِ تمامًا فانظرْ إلى دعواتِ الرسلِ -صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم- التي حكاها اللهُ في كتابهِ معَ أممِهم المستجيبينَ، والمعرضينَ والمعارضينَ؛ تجِدْها محتويةً على غايةِ الحسنِ في كلِّ أحوالِها.
ثم انظرْ إلى دعوةِ سيدِهم وإمامِهم محمدٍ ﷺ، وما سلكَ من الطرقِ المتنوعةِ في دعايةِ الخلقِ عمومًا وخصوصًا، على اختلافِ طبقاتِهم ومنازلِهم، وبحسبِ أحوالِهم، وبحسبِ الأقوالِ والأحكامِ التي يدعُو إليها - تجِدْهُ قدْ فاقَ في ذلكَ الأولينَ والآخرينَ، والآثارُ أكبرُ دليلٍ على قوةِ المؤثرِ.
• وجعلَ اللهُ السببَ لفصلِ الخصامِ المرضيِّ للمتشاجرينَ المنصفينَ في جميعِ المقالاتِ، الذي هوَ خيرٌ في الحالِ، وأحسنُ في المآلِ؛ ردَّها إلى كتابِ اللهِ وسنةِ رسولهِ، شاهدهُ قولهُ تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩].