* أخبرَ تعالى أنَّ في هذهِ المخلوقاتِ العظيمةِ آياتٍ -أي: أدلةً- على وحدانيةِ البارِي وإلهيتهِ، وعظيمِ سلطانهِ ورحمتهِ، وسائرِ صفاتهِ، وآيةً على البعثِ والجزاءِ.
* ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ أي: لهم عقولٌ يُعملونَها فيما خُلقَتْ لهُ، فعلى حسبِ ما مَنَّ اللهُ على عبدِهِ من العقلِ، وصرفَهُ في التفكرِ في الآياتِ؛ ينتفعُ بها ويعرفُها ويعقلُها بعقلهِ وفكرهِ وتدبرهِ.
* ففي خلقِ السمواتِ: في ارتفاعِها واتساعِها وإحكامِها وإتقانِها، وما جعلَ اللهُ فيها من الشمسِ والقمرِ والنجومِ، وجريانِها بانتظامٍ عجيبٍ لمصالحِ العبادِ؛ وفي خلقِ الأرضِ وجعلِها مهادًا للخلقِ يمكنُهم القرارُ عليها، والانتفاعُ بما عليها والاعتبارُ - ما يدلُّ ذلكَ على انفرادِ اللهِ بالخلقِ والتدبيرِ، وبيانِ قدرتهِ العظيمةِ التي بها خلَقَها، وحكمتهِ التي بها أتقنَها وأحسنَها ونظمَها، وعلمهِ ورحمتهِ التي بها أودَعَ ما أودعَ فيها من منافعِ الخلقِ ومصالحِهم وضروراتِهم وحاجاتِهم؛ وفي ذلكَ أبلغُ دليلٍ وبرهانٍ على كمالهِ من كلِّ وجهٍ، وأنْ يُفرَدَ بالعبادةِ؛ لانفرادهِ بالخلقِ والتدبيرِ والقيامِ بشؤونِ عبادهِ.
* وفي اختلافِ الليلِ والنهارِ: وهوَ: تعاقبُهما على الدوامِ، إذا ذهبَ أحدُهما خلفَهُ الآخرُ، وفي اختلافِهما في الحرِّ والبردِ والتوسطِ، وفي الطولِ والقصرِ والتوسطِ، وما ينشأُ عن ذلكَ من الفصولِ، التي بها انتظامُ مصالحِ الآدميينَ وحيواناتِهم وأشجارِهم وزروعِهم والنوابتِ كلِّها، كلُّ ذلكَ بتدبيرٍ وتسخيرٍ تَحيرُ في حسنهِ العقولُ، ويَعجزُ