للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغايةُ العبدِ الضعيفِ أنْ جعلَهُ اللهُ جزءًا من أجزاءِ الأسبابِ التي بها وُجدَتْ هذهِ الأمورُ العظامُ.

فهذا يدلُّ على رحمةِ اللهِ وعنايتهِ بعبادهِ، ويدعُو العبادَ إلى أنْ يعبدوهُ وحدَهُ

لا شريكَ لهُ، وينيبُوا إليهِ في كلِّ حالٍ.

* ﴿وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ﴾: وهو المطرُ النازلُ من السحابِ.

* ﴿فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾: فأظهرَتْ أنواعَ الأقواتِ، وأصنافَ الأشجارِ والنباتاتِ، التي لا يمكنُ للعبادِ أنْ يعيشُوا بدونِها.

أليسَ ذلكَ برهانًا على قدرةِ مَنْ أنزلَهُ، وأخرجَ بهِ ما أخرجَ، وعلى رحمتهِ ولطفهِ بعبادهِ، وشدةِ افتقارِ الخليقةِ إليهِ في كلِّ أحوالِهم، وهوَ يحدوُهم إلى إخلاصِ الدِّينِ لهُ، والإنابةِ إليهِ، والقيامِ بعبوديتهِ ظاهرًا وباطنًا؟!

وكذلكَ هوَ دليلٌ على إحياءِ اللهِ للموتَى، كما قالَ تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)[فصلت: ٣٩].

وقدْ ذكرَ اللهُ هذا البرهانَ على البعثِ في عدةِ آياتٍ، كما ذكرَ ابتداءَ الخلقِ برهانًا على إعادتهِ، وكما ذكرَ كمالَ علمهِ وقدرتهِ، وخَلْقَ السمواتِ والأرضِ، وأنهُ جعلَ للعبادِ من الشجرِ الأخضرِ نارًا - برهانًا بيِّنًا على البعثِ.

* وقولهُ: ﴿وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ أي: نشَرَ في أقطارِ الأرضِ من الدوابِّ المتنوعةِ، وسخرَها للآدميينَ ينتفعونَ بها من وجوهٍ كثيرةٍ، ومعَ هذا فهوَ قائمٌ بأرزاقِها، متكفلٌ بأقواتِها، فما ﴿مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ [هود: ٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>