للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا دليلٌ على أنَّ كلَّ مَنْ لهُ عليكَ حقُّ تربيةٍ -بقيامٍ بمؤنةِ نفقةٍ وكسوةٍ وغيِرها- أنَّ لهُ حقًّا عليكَ بالإحسانِ والبرِّ والدعاءِ.

وأعلى من ذلكَ: مَنْ لهُ حقٌّ عليكَ بتربيةِ عقلِكَ وروحِكَ تربيةً علميةً تهذيبيةً، أنَّ لهُ الحقَّ الأكبرَ عليكَ، وهذا من جملةِ فضائلِ أهلِ العلمِ المعلمينَ العاملينَ، ومن حقوقِهم على الناسِ، فإنهم ربما فاقُوا في هذهِ التربيةِ تربيةَ الوالدينِ بأضعافٍ مضاعفةٍ، وذلكَ فضلُ اللهِ يؤتيهِ من يشاءُ.

* وقولُهُ: ﴿وَبِذِي الْقُرْبَى﴾ أي: أحسنُوا إلى أقاربِكم القريبِ منهم والبعيدِ، بالقولِ والفعلِ، وأوصلُوا لهم من الهدايا والصدقاتِ والبرِّ والإحسانِ المتنوعِ ما يشرحُ صدورَهم، وتتيسرُ بهِ أمورُهم، وتكونوا بذلكَ واصلينَ، وللأجرِ من اللهِ حائزينَ.

* ﴿وَالْيَتَامَى﴾ وهم: الذينَ فُقِدَتْ آباؤُهم وهم صغارٌ، فمن رحمةِ أرحمِ الراحمينَ أمرَ الناسَ برحمتِهم، والحنوِّ عليهم، والإحسانِ إليهم، وكفالتِهم، وجبرِ خواطرِهم، وتأديبِهم، وأنْ يربُّوهم أحسنَ تربيةٍ كما يربُّونَ أولادَهم، سواءٌ كانَ اليتيمُ ذكرًا أو أنثى، قريبًا أو غيرَ قريبٍ.

* ﴿وَالْمَسَاكِينِ﴾ وهم: الذينَ أسكنَتْهم الحاجةُ والفقرُ؛ فلم يحصلُوا على كفايتِهم ولا كفايةِ مَنْ يمونونَ، فأمرَ تعالى بسدِّ خلَّتِهم، ودفعِ فاقتِهم، والحضِّ على ذلكَ، وقيامِ العبدِ بما أمكنَهُ من ذلكَ من غيرِ ضررٍ عليهِ.

* ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ أي: الجارِ القريبِ الذي لهُ حقُّ الجوارِ وحقُّ القرابةِ. ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ الذي ليس بقريبٍ.

فعلى العبدِ القيامُ بحقِّ جارهِ مطلقًا، مسلمًا كانَ أو كافرًا، قريبًا أو بعيدًا، بكفِّ أذاهُ عنهُ، وتحملِ أذاهُ، وبذلِ ما يهونُ عليهِ ويستطيعهُ من الإحسانِ، وتمكينهِ من الانتفاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>