للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجدارهِ، أو طريقِ ماءٍ، على وجهٍ لا يضرُّ الجارَ، وتقديمِ الإحسانِ إليهِ على الإحسانِ على مَنْ ليسَ بجارٍ، وكلَّما كانَ الجارُ أقربَ بابًا كانَ آكدَ لحقِّهِ.

فينبغي للجارِ أنْ يتعاهدَ جارَهُ: بالصدقةِ والهديةِ والدعوةِ، واللطافةِ بالأقوالِ والأفعالِ؛ تقربًا إلى اللهِ، وإحسانًا إلى أخيهِ صاحبِ الحقِّ.

* ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ قيلَ: هوَ الرفيقُ في السفرِ، وقيلَ: هوَ الزوجةُ، وقيلَ: هوَ الرفيقُ مطلقًا في الحضرِ والسفرِ، وهذا أشملُ؛ فإنهُ يشملُ القولينِ الأولينِ.

فعلى الصاحبِ لصاحبهِ حقٌّ زائدٌ على مجردِ إسلامهِ: من مساعدتهِ على أمورِ دينهِ ودنياهُ، والنصحِ لهُ، والوفاءِ معهُ في [اليسرِ والعسرِ] (١) والمنشطِ والمكرهِ، وأنْ يحبَّ لهُ ما يحبُّ لنفسهِ، ويكرَهَ لهُ ما يكرَهُ لنفسهِ، وكلَّما زادتِ الصحبةُ تأكَّدَ الحقُّ وزادَ.

* ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ وهوَ: الغريبُ في غيرِ بلدهِ، سواءٌ كانَ محتاجًا أو غيرَ محتاجٍ؛ فحَثُّ اللهُ على الإحسانِ إلى الغرباءِ؛ لكونِهم في مظنةِ الوحشةِ والحاجةِ، وتَعَذُّرِ ما يتمكنونَ عليهِ في أوطانِهم، فيُتَصَدَّقُ على محتاجِهم، ويُجْبَرُ خاطرُ غيرِ المحتاجِ بالإكرامِ والهديةِ والدعوةِ والمعاونةِ على سفرهِ.

* ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ أي: من الرقيقِ والبهائمِ؛ بالقيامِ بكفايتِهم، وألَّا يُحمَّلُوا ما لا يطيقونَ، وأنْ يعاونُوا (٢) على مهماتِهم، وأنْ يقامَ بتقويمِهم وتأديبِهم النافعِ.

فمَن قامَ بهذهِ المأموراتِ فهوَ الخاضعُ لربهِ، المتواضعُ لعبادِ اللهِ، المنقادُ لأمرِ اللهِ وشرعهِ، الذي يستحقُّ الثوابَ الجزيلَ والثناءَ الجميلَ؛ ومَن لم يقُمْ بذلكَ فإنهُ عبدٌ


(١) في (ط): العسر واليسر. والمثبت من (خ)، ولعله هو الصواب؛ لموافقته نص المؤلف في «تيسير الكريم الرحمن» (ص: ١٧٧).
(٢) في (خ): يعانوا. وفي «تيسير الكريم الرحمن»: «إعانتهم على ما يتحملون» (ص: ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>