للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرضٌ عن ربهِ، عاتٍ على اللهِ، متكبرٌ على عبادِ اللهِ، معجبٌ بنفسهِ، فخورٌ بأقوالهِ على وجهِ الكبرِ والعجبِ واحتقارِ الخلقِ، وهوَ في الحقيقةِ السافلُ المحتقَرُ؛ ولهذا قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: ٣٦]، فهؤلاءِ ما بهم مِنْ الأوصافِ القبيحةِ تحملُهم على البخلِ بالحقوقِ الواجبةِ، ويأمرونَ الناسَ بأقوالِهم وأفعالِهم بالبخلِ.

* ﴿وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٣٧] أي: من العلمِ الذي يَهتدِي بهِ الضالونَ، ويسترشدُ بهِ الجاهلونَ، فيكتمونَهُ عنهم، ويظهرونَ لهم من الباطلِ ما يحولُ بينَهم وبينَ الحقِّ؛ فهؤلاءِ جمعُوا بينَ البخلِ بالمالِ والبخلِ بالعلمِ، وبينَ السعيِ في خسارةِ أنفسِهم والسعيِ في خسارةِ غيرِهم، وهذهِ هيَ صفاتُ الكافرينَ؛ ولهذا قال: ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: ٣٧] أي: كما استهانُوا بالحقِّ، وتكبرُوا على الخلقِ، واستهانوا بالقيامِ بالحقوقِ؛ أهانَهم اللهُ بالعذابِ الأليمِ والخزيِ الدائمِ.

* وقال تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء: ٢٩] أي: احذرْ هذينِ الخلُقينِ الرذيلينِ:

* البخلَ بالواجباتِ، وفي بذلِ المالِ فيما ينبغِي بذلُهُ فيه.

* والتبذيرَ: النفقةُ فيما لا ينبغِي، أو زيادةً على ما ينبغِي.

* ﴿فَتَقْعُدَ﴾ إنْ فعلتَ ذلك ﴿مَلُومًا﴾ أي: تُلامُ على ما فعلتَ من الإسرافِ؛ لأنَّ كلَّ عاقلٍ يعرفُ أنَّ الإسرافَ منافٍ للعقلِ الصحيحِ، كما أنهُ منافٍ للشرعِ؛ فإنَّ اللهَ جعلَ الأموالَ قيامًا لمصالحِ الخلقِ؛ فكما أنَّ منعَها وإمساكَها عن وضعِها فيما جُعلَتْ لهُ مذمومٌ، فكذلكَ بذلُها في الأمورِ الضارةِ، أو الزيادةُ غيرُ اللائقةِ في الأمورِ العاديةِ وغيرِها مذمومٌ؛ لأنهُ إتلافٌ للمالِ بغيرِ مصلحةٍ، وانحرافٌ في حسنِ التصرفِ والتدبيرِ، وضعفُ التدبيرِ وعدمُ انتظامهِ مذمومٌ في كلِّ شيءٍ، كما أنَّ حسنَ التدبيرِ محمودٌ ونافعٌ لفاعلهِ ولغيرهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>