للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل كان المسيحي الأوربي إذا نظر إلى السماء كانت نظرته مشوبة بسوء النية والشك في أولئك الذين يتأملونها فكان الأوربي يرميهم بأقبح التهم والسبب، لكن هذا الموقف العدائي لم يمنع أمثال «جربرت فون أوريلاك» من تحدي أولئك الذي أعمارهم التعصب، وأقبل على علم الفلك دارسًا وباحثًا مع احتفاظه بولائه للقيصر والدولة حتى أصبح «بابا». والشيء الجدير بالملاحظة والإعجاب والتقدير هو ذلك الأسطرلاب المحفوظ إلى اليوم في فلورنسا والذي كان يستخدمه «جوبرت» عندما أصبح بابا وتسمى باسم «سلفستر الثاني» في روما، وذلك لتعيين ارتفاع الشمس وقوس الليل والنهار، ولذلك أشيع عنه أنه تلقى هذا العلم على شيطان في قرطبة، ومعنى هذه التهمة اللعنة الأبدية للبابا ولعلم الفلك.

وللكنيسة الحق في موقف الحذر الذي تقفه، ففي الكتاب المقدس بعض الآيات التي تشير إلى أشر الأفلاك والكواكب في الكائنات الأرضية وقد حاول رجال الدين قصر هذا الأثر على الحيوانات والنباتات إلا أنه توجد بين الأجرام السماوية أخرى أشمل وأعم مثل: المذنبات، والظلام، وظواهر سماوية أخرى للأمراض والحروب والمصائب، ويجب على الكنيسة أن ترفض رسميًا الاعتقاد في أي أثر للكواكب على الإنسان وإرجاع جميع هذه الآثار إلى الله. لكن الكنيسة لم تنجح في هذا، إذ إن تردد أنصار الكنيسة في موقفهم من أثر السماء في الإنسان أفسح المجال للنجوم والأفلاك وتغلغل أثرها بين القوم.

لذلك ليس بعجيب أن تجد تراجم الجداول الفلكية والتقاويم السنوية والكتب الفلكية التي كانت تصل أوربا عن طريق أسبانيا رواجًا عظيما.

أما الإسلام فلم يهتم كثيرًا بتأويلات النجوم والكواكب، ولا سيما أنه يرفض تقديس النجوم والأفلاك، ويدعو إلى عبادة الواحد الأحد رب العالمين فاطر السماوات والأرض، لذلك حرم الإسلام الاعتقاد في أثر النجوم بالنسبة لطبيعتها، كما حرم الاعتقاد في الأثر المباشر للنجوم أو الصلاة لها.

لكن دراسة الفلك ضرورية فالله جلَّ جلاله حض الإنسان على التأمل في السماء والنظر إليها، فباسم الله درست حركات النجوم وباسمه تعالى يبدأ كل

<<  <   >  >>